بتنغيص مَا هم فِيهِ عَلَيْهِم وَإِظْهَار الْقُوَّة لَهُم من عِنْد الْعَزِيز على مَا علمُوا من سوء صنيعهم بالمخالفين لَهُم وبخاصة من يخَافُونَ مِنْهُم تَفْرِيق جمعهم وتشتيت أُمُورهم وَأَيْضًا إِنَّهُم إِلَى مَا فِي الْعُقُول بَيَانه وَفِي سياسات الْملك حسنه وَبِمَا فِي تَوْقِيف الْخلق عَلَيْهِ صَلَاحهمْ دينا وَدُنْيا وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه وَأَيْضًا أَنهم لم يقصروا فِي شَيْء دعوا إِلَيْهِ إجتهادا وَلَا روى فِي شَيْء من أُمُورهم هوادة وَلَا عرف فِي شَيْء من أَخْلَاقهم نَكِير وَلَا فِي شَيْء من الْأَسْبَاب الَّتِي بِكُل وَاحِد مِمَّا فِيهَا بعد النَّاس بذلك مَا يُوصف بالتمام من السخاء والشجاعة وَمَكَارِم الْأَخْلَاق وَالرَّحْمَة بالخلق والإشفاق عَلَيْهِم وَفِي الزهادة فِي الدُّنْيَا وَتحمل مُؤَن الْخلق وَغير ذَلِك مِمَّا يحِق الْميل إِلَى كل من فِيهِ خصْلَة مِنْهَا والتعظيم لَهُ لمَكَان ذَلِك فَكيف لمن جمع الْخِصَال الْمَعْرُوفَة فِي المكارم مَعَ حسن الْأَدَاء عَن الله جلّ ثَنَاؤُهُ وَالصَّبْر لَهُ فِيمَا يصيبهم من الْمَكْرُوه مِمَّا لَا يحْتَمل أَن يكون شَيْء من ذَلِك يحْتَمل على تَمْكِين الْخَلَاص بِبَعْض المداهنة وَفِيهِمْ أَيْضا وعد العواقب وَرُجُوع الْأَمر إِلَيْهِم فَخرج الْأَمر على ذَلِك وَفِيهِمْ أَنه لم يذكر عَن أحد نظر إِلَيْهِ بِعَين التبجيل واستمع إِلَيْهِم بالنصح لأَنْفُسِهِمْ إِلَّا أبصروا الْحق فِي مقالتهم وَلَا اتبعهم أحد فخالفهم إِلَّا بعد الْعلم مِنْهُ بإيثاره الدُّنْيَا على الْآخِرَة وَالْبَاطِل على الْحق وكل الَّذِي ذكرت كَانَ لمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَ غير ذَلِك من الْآيَات الَّتِي دَامَت لَهُ مِمَّا فِيهِ إِظْهَار نبوته وَأَنه خَاتم الْأَنْبِيَاء مِنْهَا هَذَا الْقُرْآن الَّذِي تحدى بِهِ جَمِيع الْكَفَرَة أَن يَأْتُوا بِمثلِهِ وَإِن يعينهم على ذَلِك الْجِنّ وَالْإِنْس فَمَا طمع فِي ذَلِك إِلَّا سَفِيه أخرق هجره قومه لسخفه وَفِيه أَيْضا بَيَان الحكم لجَمِيع النَّوَازِل الَّتِي تحدث إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ليعلم أَنه جَاءَ من عِنْد من يعلم الْغَيْب وَمَا يكون أبدا وَبِمَا جَاءَ لَهُ من البشارات فِي فتح الْبلدَانِ