الإمتزاج والإنفصال ليعلموا تعنتهم وَيُقَال لم يعاينوا شَيْئا ممتزج من خير وَشر وَلم يرد لكم خبر يحْتَمل الصدْق فَإِن قَالَ علمنَا بالأدلة أَن شَأْن الْأَشْيَاء التَّفَرُّق وكل شَيْء يرجع إِلَى أصل جوهره
قَالَ الشَّيْخ رَحمَه الله يُقَال بل شَأْنهمْ الإجتماع فمنتهى كل على أصل جوهره وَإِذا كَانَ وَقع هَذَا قد اجْتمع فَاجْعَلْ ذَلِك أبدا كَذَلِك وَيُقَال إِذْ التَّفَرُّق تبدد والإجتماع تَأَكد وُقُوعه لم لَا كَانَ شَأْنهمْ الإجتماع وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه وَلَو جَازَ تثبيت مَا لَا شَاهد لَهُ فِي الشَّاهِد مَعَ كَونه من جوهره لجَاز القَوْل بِفعل الْحَواس على الْمَعْرُوف أَو الدَّرك باضداد مَا بِهِ الدَّرك وعورضوا بقَوْلهمْ لَا يكون من النُّور غير الْخَيْر وَلَا من الظلمَة غير الشَّرّ فَإِذا قتل رجل ثمَّ أقرّ فَإِن كَانَ الْمقر هُوَ الَّذِي قتل وَهُوَ صدق فقد عمل بِهِ الْخَيْر بعد الشَّرّ وَإِن كَانَ الْمقر هُوَ الَّذِي لم يقتل فَهُوَ كذب وَهُوَ شَرّ قد كَانَ مِنْهُ الْخَيْر وَهُوَ ترك الْقَتْل
وَكَذَلِكَ من قَوْلهم إِن كل حاسة لَا تدْرك مَا تُدْرِكهُ الْأُخْرَى ثمَّ فِيمَا سمع قَالَ سَمِعت أَو فِيمَا رأى قَالَ رَأَيْت وَمَا قَالَ بِهِ رَأَيْت وَسمعت غير الَّذِي بِهِ سمع وَرَأى وَذَلِكَ جَوَاب بِمَا لم يدْرك
وَسُئِلَ عَن سَواد الظلمَة إِذا زيد على سَواد النُّور وَهل زَاد فِي السوَاد شَيْئا فَإِن قَالُوا لَا صيروا مَا كثر هُوَ الَّذِي لم يكثر فَإِن قَالُوا ازْدَادَ قيل أهوَ النُّور أَو الظلمَة أَو غَيرهمَا فَإِن قَالَ بالأولين فازداد النُّور أَو الظلمَة وَذَلِكَ بعيد إِذْ يزْدَاد كل وَاحِد مِنْهُمَا بالجوهر الآخر وَإِن قَالَ غَيرهمَا أثبت للآمرين غيرا ثمَّ مَا يدريهم أَن لَيْسَ فِي النُّور أَو الظلمَة زِيَادَة على تِلْكَ الْأَجْنَاس الْخَمْسَة وهم لَا يعلمُونَ بِجَمِيعِ أَجزَاء الجنسين بِمَا لَا نِهَايَة لكل وَاحِد فَإِن ادّعى الإستدلال بِالشَّاهِدِ على الْغَائِب أبطل فوله بالتفرق وارتفاع النِّهَايَة لِأَنَّهُ لم يشْهد