فَأجَاب عَنْهُم بالنورة والزرنيخ أَن كل وَاحِد مِنْهُمَا على الإنفراد لَا يحرق وَعند الإجتماع يحرق فَيُقَال مَا يبعد أَن يكون أَحدهمَا يحرق لَكِن فِيهِ مَا يمْنَع عَن الإحراق وَفِي الآخر مَا يمْنَع هَذَا الْمَانِع عَن الْمَانِع فيحرق لَا أَن لم يكن فِيهِ إحراق أَو كِلَاهُمَا كَانَا كَذَلِك وَأمر الْأَعْرَاض عنْدك على مَا ذكرنَا ومحال حُلُول الْمَانِع فِيهِ لَو كَانَ طَويلا أَو سوادا وَكَذَا فِي الهيولي لذَلِك اخْتلفَا
قَالَ الشَّيْخ رَحمَه الله وَالْأَصْل فِي هَذَا عندنَا وَفِيمَا ذكر من النُّجُوم والطبائع أَن لَا يَخْلُو من أَن يرجع فِي ذَلِك إِلَى السّمع وَفِيهِمْ سَماع أهل التَّوْحِيد أثبت لما مَعَهم براهين الصدْق أَو يسْتَدلّ بالحاضر الْمَوْجُود على الْغَائِب فَإِن كَانَ هَذَا طَرِيقه فَيجب إِذْ الْمَوْجُود على حَال وبالوجود اعْتِبَاره أَن يكون الَّذِي بِهِ وجد بِهَذِهِ الصّفة فَيبْطل قَوْلهم فِي حُدُوث الْعَالم بالإمتزاج وبتحرك النُّجُوم وتقليب الْقُوَّة الهيولي والهيولي وَالْقُوَّة جَمِيعًا وَإِن كَانَ على اعْتِبَار معَان فِي الْمَوْجُود يدل عَلَيْهِ فَإِن الأَصْل أَن كل ذِي طبع لَا يتَغَيَّر عَمَّا عَلَيْهِ إِلَى خلاف إِلَّا بمغير حَكِيم أَو سَفِيه لَكِن يظْهر أَمرهمَا بالعواقب فَمثله الأَصْل الَّذِي أشاروا إِلَيْهِ إِنَّه لَا يصير على غير تِلْكَ الْحَال مِمَّا يصلح عواقبه إِلَّا بِحَكِيم إِذْ هِيَ كَذَلِك وَذَلِكَ يبطل أصلهم وَيثبت أَن الأَصْل احْتمل مَا احْتمل يَجْعَل غَيره كَذَلِك وَفِي ذَلِك حَدثهُ بمحدث حَكِيم وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق
وَأَيْضًا أَن الْمَعْلُوم فِيمَا كَانَ طبعه الإحراق أَنه لَا يحرق إِلَّا المطبوع لاحْتِمَال الإحتراق وَكَذَا التسويد وكل حَال وجوهر ثمَّ لَيْسَ فِي طبع الْمُحْتَمل الرّفْع إِلَى الْقَابِل فِيهِ بالطبع وَلَا فِي طبع المحرق أَن يصير إِلَى من يحْتَمل ذَلِك وَمن أَرَادَ فِي الشَّاهِد ذَلِك لَا يتهيأ لَهُ دون الْعلم بالوجود وَالْجمع بَينهمَا فعلى ذَلِك أَمر ذَلِك الْغَائِب فَيبْطل الَّذِي راموا إثْبَاته وَيصير هُوَ بِمَعْنى مَا هم فِيهِ وَالله الْمُوفق
مَعَ مَا إِذا كَانَ جَمِيع تِلْكَ الْأُصُول الَّتِي قالوها هِيَ موَات لَا تَدْبِير لَهُنَّ