قَالَ الْفَقِيه رَحمَه الله فَمن تَأمل مَا صَار هَؤُلَاءِ إِلَيْهِ علم أَنهم أُوتُوا ذَلِك لجهلهم نعم الله فعموا عَن سَبِيل الرشد فضلوا ثمَّ بعثتهم حيرة الضلال إِلَى الإستيناس بِمثل هَذَا الخيال الَّذِي لَا يصير عَلَيْهِ عقل وَلَا يستجلبه هوى وَالله الْمُسْتَعَان
وَلَوْلَا ذَلِك مَا الَّذِي كَانَ يعرفهُمْ أَن ابْتِدَاء الْعَالم مَا ذكر ثمَّ اسْمه الَّذِي وصف لَيْسَ فِيهِ ثمَّة مَا ذكر وَعَمله الَّذِي نعت لَيْسَ فِي جَوْهَر الْعَالم دَلِيله وَلَا فِي السّمع احْتِمَاله لكِنهمْ سمعُوا قَول أهل التَّوْحِيد فِي وصف الله بِالَّذِي وصفوا بِهِ الهيولي عِنْدهم وَلم ينْظرُوا فِيمَا ألزمهم القَوْل بِهِ فَرَجَعُوا فنقضوا مَا قد أثبتوه إِذْ صيروا الَّذِي لذاته خَارج عَن احْتِمَال الْأَعْرَاض مُمْتَنع عَن معنى الْجَوَاهِر جوهرا ثمَّ جوهرا ثمَّ جَوَاهِر ثمَّ صَار بِحَيْثُ لم يبْق من أوليته أثر وَمَا بقى مِمَّا انْتهى أَمر الْعَالم من الْقَدِيم والْحَدِيث إِلَّا الْجَوَاهِر والأعراض وَذهب الَّذِي لم يكن بِهَذَا الْوَصْف فَيكون فِي ذَلِك فنَاء الْعَالم بِنَفسِهِ واستحالة الْقَدِيم بِذَاتِهِ بأعراض قهرته وأفنته مِمَّا لَا قيام لَهَا بِنَفسِهَا وَيكون فِي ذَلِك القَوْل بِحَدَث جَمِيع الْعَالم الَّذِي دفعهم عَظِيم هَذَا القَوْل إِلَى ذَلِك الخيال إِذْ كل مَا هُوَ مَأْخُوذ إِنَّمَا هُوَ عرض وجوهر وَلم يكن الأول ثمَّ يبطل قَوْله إِذا سمى نَفسه حكيما ألزم غَيره الصدود عَن رَأْيه وَاتِّبَاع هَوَاهُ بعد قَوْله إِن الأَصْل الَّذِي مِنْهُ كَانَ جَاهِلا سَفِيها وَأَن الْأَعْرَاض هِيَ أغيار ولدتها الْقُوَّة السقيمة الَّتِي لَا حِكْمَة فِيهَا وَلَا علم لَدَيْهَا وَهُوَ أحد أبنائها الَّذِي لم ينل شَيْئا إِلَّا بهَا فَمن أَيْن قدم نَفسه عَلَيْهَا وَإِذا جَازَ كَذَلِك من غير أصل لَهُ بِهِ صَار كَذَلِك فَلْيقل فِي جَمِيع الْعَالم بِمثل الَّذِي قَالَ بِنَفسِهِ ثمَّ لَا يَخْلُو الْقُوَّة الَّتِي هِيَ قلبت الهيولي من أَن يكون لَهَا سُلْطَان عَلَيْهَا بِمَائِهَا قلبتها فَلْيقل هُوَ فِي الله سُبْحَانَهُ أنشأ الهيولي أَو مَا شَاءَ على وَجه