تتَابع الْبَقَاء فِيهِ وَلَا يجوز أَن يكون سَبَب قدم الْجِسْم حُدُوث عرض فِيهِ فَصَارَ هُوَ عديله وقرينه فَلذَلِك لَا يتقدمه وَالله الْمُوفق
وعارض بعض من يَقُول بِهَذَا لما لَا يُوجد الشَّيْء بِلَا لون ثمَّ لَا يجب أَن يكون لونا وَذَلِكَ لَا معنى لَهُ لما أَن الْحَدث هُوَ وصف الْكَوْن بعد أَن لم يكن فَإِذا وجد غَيره غير مُفَارقَة وَفِيه هَذَا الْوَصْف لزمَه هَذَا الحكم وَلَيْسَ اللَّوْن بلون لِمَعْنى يُوجد فِي المتلون بِهِ لذَلِك اخْتلفَا لَكِن جملَة الْجِسْم إِذْ لَا يَخْلُو من الألوان فَلَا يسبقها وَلَكِن يسْبق وَاحِدًا فواحدا وَكَذَلِكَ أَمر الإحداث
وَمن قَالَ لَا يعلم صنع شَيْء لَا من شَيْء فَهُوَ الْمُقدر بالموجود حسا والمعارف نَفسهَا خَارِجَة عَن الْحس وَكَذَلِكَ القَوْل بيجوز وَلَا يجوز وَكَذَلِكَ مَا يدعى من التَّفَرُّق لَا الْهَلَاك لَا نعرفه بالحس ثمَّ قَالَ بِهِ فَمثله مَا نَحن فِيهِ مَعَ مَا كَانَ فِيهِ عقل وَسمع وبصر وروح وَغير ذَلِك مِمَّا لَا يدرى مِم صنع فَذَلِك يمنعهُ القَوْل بِمَا قَالَ وَأَيْضًا إِنَّه إِذا يكن أحد يخبرنا عَن قدمه أَو كَانَ أزليا من جَوْهَر الْعَالم فَلَا وَجه للْعلم بِهِ إِلَّا بالإستدلال
ثمَّ لَا نعلم كِتَابَة بِلَا كَاتب وَلَا تفَرقا إِلَّا بمفرق وَكَذَلِكَ الإجتماع وَكَذَلِكَ السّكُون وَالْحَرَكَة فَيلْزم فِي جملَة الْعَالم ذَلِك إِذْ هُوَ مؤلف مفرق بل الأعجوبة فِي تأليف الْعَالم أرفع فَهُوَ أَحَق أَن لَا يتفرق وَلَا يجْتَمع إِلَّا بِغَيْرِهِ ثمَّ كل مَا فِي الشَّاهِد من التَّأْلِيف وَالْكِتَابَة يكون أحدث مِمَّن بِهِ كَانَ فَمثله جَمِيع الْعَالم إِذْ هُوَ فِي معنى مَا ذكرت وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق
وَلَو تكلّف الإستقصاء فِي مثل هَذَا ليخرج عَن طوق الْبشر إِذْ مَا من شَيْء مِمَّا يحس أَو يسمع بِهِ من أَجزَاء الْعَالم إِلَّا وَدلَالَة حَدثهُ ظَاهِرَة من جَهله بإبتداء حَاله وبإصلاح مَا يفْسد أَو ينشيء مثله وعجزه عَمَّا بِهِ حفظ نَفسه أَو تقليبه عَن جوهره مَعَ مَا فِيهِ الْخَبيث والقبيح والذليل والمهان الَّذِي لَوْلَا تَدْبِير غَيره فِيهِ مَا احْتمل أَن يكون كَذَلِك وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق