ويوصف بِالْقربِ من طَرِيق العون والنصر وَمن جِهَة التشريف والتخصيص وَمن جِهَته الرَّحْمَة وَالْإِحْسَان وَمن جِهَة التَّوْفِيق والإرشاد وَهَذَا النَّوْع لِأَن وصف هَذَا كُله وصف ذاتي جَائِز أَن يُقَال لم يزل رحِيما بأوليائه محبا لَهُم لوقت كَونهم لَهُ أَوْلِيَاء مبغضا لأعدائه على ذَلِك وَأما الْوُجُوه هِيَ حَقِيقَة تِلْكَ الصِّفَات يحققها غَيره لَا أَنه بِذَاتِهِ يُوصف فَإِنَّهُ فَاسد لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو من أَن يكون لَهُ مدح وتمجيد وتعظيم فَيكون لَهُ ذَلِك بِغَيْرِهِ فَيصير بخلقه الْخلق ممدوحا مُنْتَفعا وَهُوَ الْغنى بِنَفسِهِ يتعالى أَن يكون لَهُ بِأحد مدح أَو نفع فَلذَلِك لَا يُوصف بذلك جلّ جَلَاله
ثمَّ القَوْل بِفِعْلِهِ أَنه لَا يجوز أَن يكون مَفْعُوله لما لَا يعرف ذَلِك فِي الشَّاهِد وَلما يُوصف بِهِ وَلَا يُوصف بِغَيْرِهِ وَلما بَينا أَن الْوَصْف بِغَيْرِهِ يُوجب الْحَاجة إِلَيْهِ ويوصف بِهِ فِي الْأَزَل لما بَينا من إِحَالَة التَّغَيُّر والزوال وَلما لَو جَازَ الْوَصْف بِمَا هُوَ حَال فِي غَيره لجَاز الْوَصْف بِكُل شَيْء من خلقه وَذَلِكَ مُمْتَنع وَقد بَينا هَذَا فِيمَا تقدم وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
قَالَ الْفَقِيه أَبُو مَنْصُور رَحمَه الله الْحِكْمَة فِي خلق الْحَيَّات والجواهر الضارة وَإِن كَانَت الْعُقُول تقصر عَن بُلُوغ كنه حِكْمَة الربوبية على مَا سبق القَوْل فِي لُزُوم الْحِكْمَة لكل شَيْء من الْوَجْه الَّذِي خلقه الله وَإِن لم يعرف مائيتها يكون من وُجُوه المحنة بالضار والنافع الْحَاضِرين ليعلم بهما لَذَّة الثَّوَاب على الطَّاعَة وألم الْعقَاب على الْمعْصِيَة إِذْ الْخلق جبلوا على قصد العواقب فِي الْأَفْعَال فَجعل لَهَا مِثَالا من العيان لتتصور الْمَوْعُود فِي الأوهام فيسهل بِهِ السَّبِيل وَالله الْمُوفق
وَالثَّانِي أَن المحنة هِيَ تحمل الْمُؤْنَة الَّتِي تسهل وتصعب على الْبدن بِالنّظرِ والفكر وَالنَّاس فِي تكلّف النّظر والفكر يَخْتَلِفُونَ لِأَنَّهُ لَيست لَهما مَنْفَعَة حَاضِرَة