بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَرَادَ بِالْكَبَائِرِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مَا هُوَ دُونَ الشِّرْكِ مِنَ الذُّنُوبِ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَخْبَرَ أَنَّ الشِّرْكَ أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ، فَمَعْنَى قَوْلِهِ: «لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي» إِنَّمَا أَرَادَ أُمَّتَهُ الَّذِينَ أَجَابُوهُ فَآمَنُوا بِهِ وَتَابُوا عَنِ الشِّرْكِ، إِذِ اسْمُ الْأُمَّةِ قَدْ يَقَعُ عَلَى مَنْ بُعِثَ إِلَيْهِ أَيْضًا، أَيْ أَنَّهُمْ أُمَّتُهُ الَّذِينَ بُعِثَ إِلَيْهِمْ، وَمَنْ آمَنَ وَتَابَ مِنَ الشِّرْكِ، فَهُمْ أُمَّتُهُ فِي الْإِجَابَةِ بَعْدَمَا كَانُوا أُمَّتَهُ فِي الدَّعْوَةِ إِلَى الْإِيمَانِ، ذَكَرَهُ فِي خَبَرِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَهِيَ نَائِلَةٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا»