إذًا، واجب كل مسلم أن يعمل ما باستطاعته، ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، وليس هناك تلازم بين إقامة التوحيد الصحيح والعبادة الصحيحة، وبين إقامة الدولة الإسلامية في البلاد التي لا تحكم بما أنزل الله؛ لأن أول ما يحكم بما أنزل الله -فيه- هو إقامة التوحيد، وهناك - بلا شك - أمور خاصة وقعت في بعض العصور وهي أن تكون العزلة خيرًا من المخالطة، فيعتزل المسلم في شعب من الشعاب ويعبد ربه، ويكف من شر الناس إليه، وشره إليهم، هذا الأمر قد جاءت فيه أحاديث كثيرة جدًّا وإن كان الأصل كما جاء في حديث ابن عمر - رضي الله عنه -: "المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم " (?) . فالدولة المسلمة - بلا شك - وسيلة لإقامة حكم الله في الأرض، وليست غاية بحد ذاتها.
ومن عجائب بعض الدعاة أنهم يهتمون بما لا يستطيعون القيام به من الأمور، ويدعون ما هو واجب عليهم وميسور! وذلك بمجاهدة أنفسهم كما قال ذلك الداعية المسلم؛ الذي أوصى أتباعه بقوله: " أقيموا دولة الإسلام في نفوسكم تقم لكم في أرضكم"