إذًا، قد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يبدؤوا بما بدأ به وهو الدعوة إلى التوحيد، ولا شك أن هناك فرقًا كبيرًا جدًّا بين أولئك العرب المشركين - من حيث إنهم كانوا يفهمون ما يقال لهم بلغتهم -، وبين أغلب العرب المسلمين اليوم الذين ليسوا بحاجة أن يدعوا إلى أن يقولوا: لا إله إلا الله؛ لأنهم قائلون بها على اختلاف مذاهبهم وطرائقهم وعقائدهم، فكلهم يقولون: لا إله إلا الله، لكنهم في الواقع بحاجة أن يفهموا - أكثر - معنى هذه الكلمة الطيبة، وهذا الفرق فرق جوهري - جدًّا - بين العرب الأولين الذين كانوا إذا دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقولوا: لا إله إلا الله يستكبرون، كما هو مبين في صريح القرآن العظيم (?) لماذا يستكبرون؟ ؛ لأنهم يفهمون أن معنى هذه الكلمة أن لا يتخذوا مع الله أندادًا وألا يعبدوا إلا الله، وهم كانوا يعبدون غيره، فهم ينادون غير الله ويستغيثون بغير الله؛ فضلا عن النذر لغير الله، والتوسل بغير الله، والذبح لغيره والتحاكم لسواه....إلخ.