إذا كانت التوبة واجبة على كل مكلف فإنه لابد وأن تكون كاملة تعم جميع الذنوب وتستغرقها بحيث لا تدع ذنبًا إلا تناولته، ولا معصية إلا محت أثرها من القلب، كما يمحو ضوء النهار ظلام الليل؛ توبة يجمع العبد فيها كل عزمه وإرادته مبادرًا بها عازمًا على المضي فيها إلى آخر عمره، مُقلعًا عن الذنب وهو يحدث نفسه ألا يعود إليه، كما لا يعود اللبن إلى الضرع.
توبة تبدأ بالندم، وتنتهي بالعمل الصالح والطاعة، وتظل تُذكِّر القلب بعدها وتُخلَّصه من رواسب المعاصي وعكارها، وتحضه على ألا يعود إلى الذنب أبدًا، وأن تكون لله، لا حفظًا للصحة أو المال، أو حرصًا على حظ من متاع الدنيا، أو خوفًا من عقاب أحد، أو سطوة قانون، أو عدم وجود ما يعينه على المعصية؛ لكنه يهجر الذنب لأنه يُغضب الله ورسوله.
وأن تستغرق الذنوب كلها؛ فلا تصح من ذنب أصر على مثله؛ لأن قبول الله لأعمال البر من عبدٍ مقيم على