ولو كان بينهما ثمانون مشتركة؛ فاقتسما بعد ستة أشهر: إن قلنا: القسمة إفراز حق، فإذا مضت ستة أشهر من يوم القسمة - يجب على كل واحد منهما شاة؛ كما في خلطة المجاورة إذا ميز وإن قلنا: بيع فيما بقين ثم إذا مضت ستة أشهر أخرى، تم الحول من وقت القسمة؛ فعلى كل واحد نصف شاة فيما تجدد ملكه عليه، ثم هكذا في كل ستة أشهر؛ كما لو كان بينهما أربعون شاة، فبعد مُضي ستة أشهر اشترى أحد الشريكين نصيب صاحبه- يجب عليه عند مضي كل ستة أشهر نصف شاة.
فصلٌ: في التراجع
رُوي عن النبي - صلى الله عليه وسلم- "وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية الحديث في خلطة المجاورة؛ لأن في خلطة المشاركة إذا أخذ الساعي واحداً منهما يكون المأخوذ من ماليهما جميعاً، فلا يثبت فيه التراجع، إلا أن يكون المأخوذ من جنس المال؛ بأن يكون بينهما خمس من الإبل وجدها الساعي في يد أحدهما؛ فأخذ منه شاة، رجع هو على صاحبه بنصف قيمتها، ويكثر التراجع في خلطة المجاورة. فإن كان بينهما أربعون شاة يجوز للساعي أن يأخذ الشاة من نصيب أيهما شاء، فإذا أخذ الشاة من نصيب أحدهما، رجع المأخوذ منه بنصف قيمتها على خليطه، ولا يرجع بنصف قيمة شاة؛ لأن الشاة ليست بمثلية، فإن اختلفا في قيمته، فالقول قول المروع عليه؛ لأنه غارم.
فلو أخذ الساعي من أحدهما شاة رُبي أو ماخضاً أو ذات در - فلا يرجع هو على خليطه بنصف قيمة المأخوذ، إنما يرجع بنصف قيمة الواجب؛ لأنه مظلوم بأخذ الزيادة من جهة الساعي؛ فليس له أن يرجع على غير من ظلمه.
فإن كان المأخوذ قائماً في يد الساعي، يسترده رب المال، وإن كان تالفاً استرد منه الفضل، والفرض ساقط عن رب المال، وإن أخذ الساعي أكثر من الحق بتأويل؛ بأن أخذ كبيرة من السخال على قول مالك رحمه الله، فإنه يرجع على خليطه بنصف ما أخذ منه؛ لأنه والٍ أخذه بالاجتهاد، فلا ينقض عليه اجتهاده، وإن أخذ منه القيمة؛ هل يرجع على خليطه بشيء؟ فيه وجهان:
أحدهما: لايرجع؛ لأن القيمة لا تجزئ في الزكاة.
والثاني- وهو الأصح-: يرجع؛ لأن الوالي أخذه بالاجتهاد؛ كما لو أخذ الكبيرة عن السخال.