فصلٌ في الناسية

روي عن عائشة- رضي الله عنها- أن سهلة بنت سهيلٍ استحيضت، فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم- فأمرها أن تغتسل لكل صلاة.

وقال الشيخ إمام الأئمة: هذا الحديث في مستحاضةٍ نسيت عادتها، فأمرها بالاغتسال عند كل صلاة؛ لأنه ما من وقت صلاةٍ إلا ويحتمل فيه انقطاع دم الحيض، ووجوب الغسل عليها.

أما الناسية وتسمى: متحيرة، لا يخلو: إما إن لم تذكر شيئاً من طهرها، أو حيضها، أو ذكرت شيئاً. فإن لم تذكر شيئاً؛ بأن كانت معتادةً نسيت عادتها، أو جنت صغيرة؛ فأفاقت والدم بها متصل- ففيها قولان.

أحدهما: حيضها حيض المبتدأة من أول كل هلالٍ؛ فالشهر في حق المستحاضة نوبةُ حيضها وطهرها، طالت أم قصرت، وفي حق هذه ما بين الهلالين.

وقال الشيخ القفال: إذا أفاقت المجنونة، والدم بها متصلٌ فشهرها ثلاثون يوماً، وابتداؤه من وقت الإفاقة؛ لأن تلك الحالة حالة توجه الخطاب عليها.

والقول الثاني- وهو الأصح-: لا نجعل لها حيضاً بيقين، [ولا طهراً بيقين] بل يجب عليها أن تأخذ بالاحتياط أبداً؛ لأنه ما من حالةٍ من أحوالها إلا ويحتمل فيها الحيض والطهر والانقطاع، والاحتياط يكون في أربعة أشياء:

في الصلاة، والطواف، والصوم، والغشيان.

أما إذا لزمتها العدة، فحكم بانقضائها في ثلاثة أشهر؛ لأن الأغلب في أحوال النساء أن تكون لهن في كل شهر حيضةٌ، ولو لم نحكم بانقضاء عدتها، لبقيت في حيال الزوج أبداً، وفيه إضرارٌ بها.

أما الغشيان: فلا يجوز للزوج أن يغشاها أبداً؛ فلو فعل، عصى الله تعالى.

وأما الصلاة: فيجب عليها أن تصلي صلوات اليوم والليلة، كل صلاة مرتين بست اغتسالاتٍ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015