وقال شيخنا: وكذلك الشقوق على الرجل إذا احتاج إلى تقطير ما يتجمد فيها. وكذلك الفصد. ولو أجنب، ومعه ماء، ولكنه يخاف على نفسه [من] البرد لو اغتسل ولم يجد ما يسخن به الماء؛ نظر: إن أمكنه أن يغسل أعضاءه قليلاً [قليلاً] ويجففه- فعل، وإن لم يمكنه أن يغسل ما يقدر عليه من الأعضاء الظاهرة، ويتيمم لأجل سائر الأعضاء. ثم إن كان في الحضر، يجب عليه [إعادة] الصلاة إذا زال العذر. وإن كان في السفر فقولان: أحدهما: لا يجب عليه [الإعادة]؛ كما لو صلى بالتيمم؛ لعدم الماء في السفر.
والثاني - وهو الأصح-: يجب الإعادة؛ لأنه عذر نادر؛ كما لو كان معه ثوبٌ نجس يخاف الهلاك من الحر أو البرد لو نزعه؛ فصلى فيه، ثم يعيد.
وعند أبي حنيفة: لا يجب الإعادة [في كل حال].
فصلٌ في الأعذار التي تسقط الإعادة
وهي قسمان: عام ونادر. فالعام منها: كالمريض يصلي قاعداً أو نائماً؛ للعجز، والمسافر لا يقدر على الماء، أو معه ماء؛ وهو محتاج إليه لشربه، والمريض يعجز عن استعماله؛ فصلى بالتيمم، والمقاتل يصلي بالإيماء- فلا إعادة عليهم.
والعذر النادر قسمان: نادر يدوم، ونادر لا يدوم: فالذي يدوم: كعذر المستحاضة، وسلس البول، والمذي، ومن استرخت مقعدته يدوم خروج الحدث منه. ومن به دملٌ، أو جرحٌ سائل، أو رعافٌ دائم- يصلون مع الحدث والنجاسة، ولا إعادة عليهم؛ لأن هذه الأعذار وإن كانت نادرة، ولكنها لما دامت التحقت بالعذر العام لما يلحق صاحبها من المشقة في الإعادة. وأما الذي لا يدوم كالمريض الذي لا يخاف من استعمال الماء، ولكنه لا يجد من يناوله أو لا يجد من يحوله إلى القبلة، أو الأعمى الذي لا يجد من يدله على القبلة، والجريح يصلي بالتيمم؛ وعلى جرحه دم، والماسح على الجبيرة في قولٍ، ومن لم يجد في الحضر ماء فصلى بالتيمم- فيجب عليهم الإعادة.