قال النبي- صلى الله عليه وسلم-: "اذكروا الفاسق بما فيه؛ يحذره الناس".

وإذا تاب شاهد الزور، يخبر حاله؛ كسائر الفسقة إذا تابوا؛ فبعد مضي سنة على الصلاح، تقبل شهادته في غير هذا الحكم، ولا تقبل في هذا الحكم، وإن كانوا غالطين في الشهادة، فلا حاجة إلى الاختبار وتقبل شهادته في غير هذا الحكم ولا تقبل في هذا الحكم.

ولو شهدوا عند القاضي؛ فقبل القضاء جاءوا، وقالوا: توقف في القضاء؛ حتى نتثبت في شهادتنا؛ فتوقف القاضي، ثم عادوا فقالوا: تثبتنا؛ فاحكم- هل يحكم القاضي؟ فيه وجهان:

أحدهما: يحكم؛ لأنهم لم يرجعوا عن الشهادة.

والثاني: لا يحكم؛ لأنه وقع ريبة في شهادتهم.

فصل في شهادة من ليس أهلاً للشهادة إذا صار أهلاً لها

إذا شهد عند القاضي عبد، أو مكاتب، أو صبي، أو كافر- لا يصغي إلى شهادته. فإذا لم يعلم حالهم؛ فسمع شهادتهم، ثم علم؛ فردها، ثم عتق العبد والمكاتب، وبلغ الصبي، وأسلم الكافر وأعادوا تلك الشهادة- تقبل.

أما إذا شهد فاسق؛ فردت شهادته؛ لفسقه ثم تاب، وحسنت حالته، فأعاد تلك الشهادة- لا تقبل.

وقال المزني وأبو ثور- رحمهما الله-: تقبل؛ كما تقبل من الصبي إذا بلغ، ومن الكافر إذا أسلم.

قلنا: فرق بينهما من حيث إن الفاسق يستنكف من فسقه، ويلحقه عار برد شهادته؛ فهو في إعادة تلك الشهادة متهم بدفع ذلك العار عن نفسه، والشهادة ترد للتهمة.

أما الصبي والعبد لا عار عليهما في رد شهادتهما، والكافر يفتخر بكفره؛ فلا يلحقه عار برد شهادته؛ فلا يكون متهماً في الإعادة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015