إلى قوله: {إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 4].
كل من لا تقبل شهادته بسبب معصية؛ فإذا تاب، تقبل شهادته.
والتوبة توبتان:
توبة في الباطن فيما بينه وبين الله [تعالى].
وتوبة في الظاهر التي يتعلق بها قبول الشهادة، وعود الولاية.
وأما التوبة في الباطن: فينظر: إن كانت المعصية مما لا يتعلق بها حق الآدمي، ولا حد لله- تعالى- فيه؛ كتقبيل الأجنبية، ولمسها بالشهوة ووطؤها مما دون الفرج، فالتوبة منها: أن يندم على ما فعل، ويعزم على ألا يعود إلى مثلها؛ لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ} إلى قوله تعالى: {فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} [آل عمران: 135].
وإن تعلق بها حق لآدمي: فالتوبة منه: أن يندم على ما فعل، ويعزم على ألا يعود، ويتبرأ من حق الآدمي.
وإن كان مالاً رده إن كان قائماً، أو بدله إن كان تالفاً، أو يبرئه صاحب الحق.
وإن كان قصاصاً، أو حد قذف، فيخبره؛ حتى يستوفي، أو يعفو.
وإن تعلق بالمعصية حد لله- تعالى- كحد الزنا، والشرب؛ فإن لم يظهر ذلك منه، فيندم عليه، ويتوب في السر. والأولى: أن يستر على نفسه؛ لقول النبي- صلى الله عليه وسلم-: "من أتى من هذه القاذورات شيئاً، فليستتر بستر الله تعالى؛ فإن من أبدى لنا صفحته؛ أقمنا عليه حد الله". فإن أظهره حتى أقيم عليه الحد، جاز؛ كما فعل ماعز والغامدية، أقرا على أنفسهما بالزنا؛ حتى أقام النبي- صلى الله عليه وسلم- عليهما الحد.
وإن كان قد ظهر ذلك منه؛ فيحتاج إلى أن يذهب إلى الإمام؛ حتى يقيم عليه الحد؛ لأنه إذا ظهر، فلا معنى للستر.
فأما التوبة في الظاهر: فهي التي يتعلق بها قبول الشهادة، وعود الولاية؛ فينظر في المعصية: فإن كانت فعلاً؛ كالزنا، والسرقة، وشرب الخمر- فالتوبة عنها تكون بالفعل؛ وهو أن يصلح عمله مدة، وينتقل من الحالة السيئة إلى الحالة الحسنة؛ لقوله تعالى: {إِلاَّ