والثاني: لا يحلفون؛ بخلاف البطن الثاني؛ فإنهم لم يصيروا من أهل الوقف باليمين، وهؤلاء صاروا من أهل الوقف باليمين، واستحقوا على شرط الواقف.
فأما إذا ادعى المدعون، وأقاموا شاهداً، ونكلوا عن اليمين وماتوا- فلا شيء لأولادهم من غير يمين؛ فهل لهم أن يحلفوا، ويأخذوه وقفاً؟ فيه قولان:
إن قلنا: البطن الثاني يتلقون الوقف من الواقف حلفوا، وكان وقفاً عليهم؛ وهذا أصح.
وإن قلنا: من البطن الأول فلا؛ لأن البطن الأول أبطلوا حقهم بالنكول.
أما إذا حلف واحد من المدعين في البطن الأول، ونكل اثنان- فنصيب الحالف وهو الثالث وقفه عليه، والباقي متروك في يد المدعى عليه. فإن مات بعضهم؛ نظر: إن مات الناكلان كان نصيبهما الذي حكم بكونه وقفاً بإقرارهما للحالف؛ لأنه يثبت بإقرارهما؛ أنه وقف، وحلف عليه الحالف؛ فلا يمكن صرفه إلى ولد الولد؛ لأن انقراض البطن الألو لم يوجد وهل يحتاج الحالف إلى اليمين؟ فيه وجهان؛ كما ذكرنا.
وإن مات الحالف- والناكلان حيان- فنصيب الحالف إلى من يصرف؟ فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: إلى الناكلين؛ لأن الحالف أقر أن لا حق للبطن الثاني إلا بعد انقراض البطن الأول، ثم هل يأخذان بلا يمين؟ فيه وجهان:
والوجه الثاني: يصرف إلى أقرب الناس بالمجلس، ما دام الناكلان حيين؛ لأن شرط الانتقال إلى البطن الثاني لم يوجد؛ وهو انقراض البطن الأول، والناكلان بطل حقهما بالنكول.
والوجه الثالث- وهو الأصح، وإليه أشار الشافعي- رحمه الله- في "الأم": أنه يصرف إلى ولد الولد؛ لأن الناكلين أبطلا حقهما بالنكول؛ فصارا كالمعدومين، وعند عدم البطن الأول يصرف إلى البطن الثاني. وهل يحلفون؟ فيه قولان.
وإن مات الحالف والناكلان جميعاً: إن قلنا: البطن الثاني يتلقون الوقف من الواقف، حلف أولاد الحالف وأولاد الناكلين جميعاً، وأخذوا جميع الوقف.
وإن قلنا: البطن الثاني يتلقون من البطن الأول، فنصيب الحالف لولده بلا يمين ولا شيء لأولاده الناكلين، بل نصيبهما متروك في يد المدعى عليه.