تقبل شهادة الشاهد فيما لا يعتقد؛ كمن يشهد بشفعة الجوار؛ وهو لا يعتقده، ونحو ذلك؟ فيه وجهان:

أحدهما: لا يقبل؛ لأنه لا يعتقد؛ كالقاضي لا يقضي بخلاف عقيدته.

والثاني: يقبل؛ لأنه مجتهد فيه، والاجتهاد إلى القاضي لا إلى الشاهد. والله أعلم.

باب التحفظ في الشهادة

قال الله تعالى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: 36] وقال جل ذكره: {إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: 86].

لا يجوز للشاهد أن يشهد إلا بعد العلم [بما شهد] به؛ ثم هو على ثلاثة أقسام:

منها: ما يشترط فيه الرؤية؛ وهو الشهادة على فعل الزنا، والسرقة، وإتلاف المال، والغصب، والرضاع، والولادة؛ فلا يجوز أن يشهد عليها ما لم يشاهد بعينه، ومنها: ما يشترطفيه السماع والمشاهدة؛ كالبيع، وعقد النكاح، وسائر العقود، والطلاق، والأقارير، فلا يجوز أن يشهد عليها ما لم يشاهد القائل، ويسمع قوله؛ لأن العلم فيه لا يحصل إلا بهما.

ومنها: ما يكتفي فيه بالسماع والاستفاضة؛ وهي ثلاثة: النسب، والموت، والملك.

أما النسب: إذا سمع رجلاً ينتسب إلى فلان مرة، واستفاض في الناس؛ أن فلاناً ابن فلان، أو من قبيلة فلان، ولا يدافعه أحد- جاز أن يشهد أنه ابن فلان، أو من قبيلة فلان، وهل يجوز أن يشهد على إثبات النسب من المرأة بالسماع؛ أنه ابن فلانة؟ فيه وجهان:

أحدهما: يجوز؛ كما يجوز من الرجل.

والثاني: لا يجوز؛ لأن إقامة البينة على أنها ولدته ممكن ولا يتصور من الرجل أنه مخلوق من مائه.

وكذلك يجوز الشهادة على إثبات نسب المرأة بالسماع بعد أن أثبتها وعرفها، وإن سمع رجلاً يقر بأن هذا ابني أو أبي؛ فإن صدقه المقر له، جاز له أن يشهد به؛ لأنه شهادة على إقراره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015