ولو حلف لا يدخل دارين- لا يحنث بدخول أحدهما، حتى يدخلهما، وكذلك: لو حلف لا يلبس هذين الثوبين- فلا يحنث بلبس أحدهما وإذا لبسهما- حنث، سواء لبسهما معاً، أو لبس أحدهما ثم نزعه ولبس الآخر، ولو قال: لا ألبس هذا ولا هذا- حنث بلبس أحدهما، وعند مالك- رحمه الله-: إذا قال: لا أدخل هاتين الدارين أو: لا ألبس هذين الثوبين- فيحنث بأحدهما، ووافقنا فيما لو قال: لا ألبسهما أو: لا أدخلهما- أنه لا يبر بأحدهما، حتى يأتي بهما [جميعاً].
ولو حلف فقال: لا أشرب ماء هذه الإداوة، فشرب إلا قطرة- لم يحنث، ولو قال: لأشربن ماءها- لا يبر إلا بشر كله، أما إذا قال: لا أشرب من [ماء] هذه الإداوة، فشرب منه قليل حنث، ولو قال: لأشربن من ماء هذا النهر، فشرب منه قليلاً- بر؛ لأن "من" للتبعيض؛ فيحصل الحنث، والبر ببعضه، أما إذا حلف، وقال: لا أشرب ماء هذا النهر، أو ماء هذه البئر، هل يحنث بشرب بعضه؟ فيه وجهان:
قال ابن سريج: يحنث بشرب بعضه؛ لأنه لا يتصور شرب جميعه؛ فانصرف اليمين إلى بعضه، وقال أبو إسحاق: لا يحنث؛ لأنه حلف على شرب جميعه فلا يحنث ببعضه؛ كما لو قال: لا أشرب ماء- هذه الإداوة- فلا يحنث بشرب بعضه، ولو قال: لأشربن ماء هذا النهر- فعلى وجهين:
أحدهما: يبر بشرب بعضه.
والثاني: لا يبر بشرب بعضه، وهو حانث عليه الكفارة، لأن عجزه عن شرب جميعه حقيقة، فعلى هذا: يحنث في الحال أم قبيل الموت؟ فيه وجهان. ولو قال: لأشربن ماء هذه الإداوة، فانصب قبل أن يشرب أو مات الحالف- نظر: إن كان بعد الإمكان- حنث، وإن كان قبل الإمكان- فقولان؛ كالمكره، ولو حلف ليشربن من ماء هذه الإداوة فصبه في حوض، ثم شرب منه قليلاً من موضع علم أنه وصل إليه- بر، وإن حلف لا يشرب منه، فصبه في حوض وشرب منه قليلاً- حنث، وكذلك لو حلف لا يشرب من لبن هذه البقرة، فخلطه بلبن آخر، فشرب منه- حنث بخلاف ما لو حلف لا يأكل هذه التمرة فخلطها بصبرة- لا يحنث؛ إلا بأكل جميع الصبرة؛ لأن الذائب إذا اختلط بالذائب يصير شيئاً واحداً بخلاف الجامد، ولو حلف ليشربهن ماء هذا الكوز، ولا ماء فيه، أو: ليقتلن فلاناً، وفلان