أردت طعاماً دون طعام أو: قال: لا أشرب، وقال: أردت شراباً دون شراب، أو: قال: لا ألبس، وقال: أردت ثوباً دون ثوب- يقبل قوله في الباطن دون الظاهر، وبه قال ابو حنيفة، وكذلك-[عندنا]-: إذا حلف لا ياكل، ولم يقل: طعاماً، أو: قال: لا أشرب، أو: لا ألبس، ولم يقل: شراباً، ولا ثوباً، فقال: عنيت به البعض- يقبل في الباطن، وعند أبي حنيفة: لا يقبل، وفرق بأن قوله طعاماً يقتضي الوجدان إلا أن ظاهره للجنس؛ فحمل على الظاهر.
فإذا قال: [أردت الوجدان- قبل، وإذا قال: لا آكل- يقتضي العموم، فإذا قال]: أردت التخصيص - لم يقبل، [ولو حلف] لا يأكل قوتاً، فأكل شيئاً من الحبوب التي تقتات- حنث، وإن أكل التمر أو الزبيب أو اللحم: فإن كان من قوم قوتهم ذلك- حنث، وهل يحنث به غيرهم؟ فعلى وجهين؛ كما ذكرنا في رؤوس الصيد.
ولو حلف لا يشرب الماء، فيحنث بشرب جميع مياه الأنهار والآبار والبحار على أي طعم كان، فإن قال: [ماءً] فراتاً- فيحنث بالماء العذب؛ سواء كان من دجلة أو من الفرات، أو من غيرهما، ولا يحنث بالأجاج والملح؛ لأنه اسم للماء العذب؛ قال الله تعالى: {وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتاً} [المرسلات: 27]، فإن حلف لا يشرب [من] ماء الفرات فشرب من ماء دجلة أو غيرها- لم يحنث؛ لأن الفرات إذا عرف يراد به النهر الذي بين الشام والعراق، فإذا شرب منه- حنث، ولو حلف لا يأكل أدماً أو خبزاً بإدام، فيحنث باللحم والخل والمري، وبكل ما يؤتدم حتى الملح والبصل والثوم والبقل والفجل والثمار كلها؛ روي عن يوسف بن عبد الله بن سلام قال: رأيت النبي- صلى الله عليه وسلم- أخذ كسرة من خبز الشعير، فوضع عليها تمرة فقال: "هذه إدام هذه، وأكل"، وعند أبي حنيفة: لا يحنث، إلا بما يصيب في السكرجة مما يصبغ الخبز، أما إذا قال: لا آكل خبزاً يصبغ- فيتناول بالاتفاق ما يصب في السكرجة [من] المائعات؛ كالخل والدبس والسمن ونحوها.
ولو حلف لا يشم الريحان، فشم الضيمران، وهو: الريحان الفارسي- يحنث، ولو