ولو أطعمه المالك، ولم يذكر شيئاً- هل له مطالبته بالعوض؟ فيه وجهان:
أصحهما: لا؛ لأنه متبرع.
والثاني: له ذلك؛ لأنه أبقى روحه؛ وهذا بناءً على أنه إذا عفا عن القصاص- فمطلق العفو هل يوجب المال؟ قولان.
ولو اختلف، فقال المالك: أطعمتك بالعوض، وقال الآكل: بلا عوض- فالقول قول من؟ فيه وجهان.
وكذلك: إذا كان لرجل دابة جائعة أو كلب غير عقور جائع، ومع صاحبه علف/ أو لحم يجب أن يعلف دابته، ويطعم كلبه؛ فإن لم يفعل- فلصاحب الدابة أن يغصبه، فإن كان الكلب عقوراً- لا جب؛ لأن قتله مباح، ولو كان لرجل كلب غير عقور جائع، وله شاة- عليه أن يذبح شاته؛ لإطعام الكلب، ثم يجوز له أن يأكل من لحم تلك الشاة، وإن ذبحها للكلب؛ لأنه ذبحه للأكل.
ولو وجد المضطر ميتة، وطعاماً للغير- أيهما يأكل؟ فيه ثلاثة أقوال.
أحدها: هو مخير أيهما شاء أكل.
والثاني: يأكل الميتة؛ لأن تحريمها لحق الله تعالى؛ فكان أيسر، ولأنه لا يلزمه به الضمان.
والثالث: يأكل مال الغير؛ لأن عينه حلال، ويلزمه الضمان.
فإن كان مالك الطعام حاضراً، ويبيعه- يجب على المضطر أن يشتري؛ إن كان معه ثمنه، وإن غالى في الثمن، ولا يجوز له أكل الميتة، ثم أي ثمن يلزمه؟ فعلى وجهين، وإن وهب له صاحب الطعام- يجب أن يقبل، ولا يأكل الميتة، وإن لم يبعه صاحب الطعام، ولم يطعمه- ليس له أن يكابره، ولكن يأكل الميتة، قال الشيخ رحمه الله: إذا قلنا: "إذا وجد الميتة"، وقال الغير- له أن يأكل مال الغير"- يحتمل أن يقال "يكابره، فيأخذ منه الطعام، وإن قلنا بقول التخيير- فليس له ذلك.
ولو كان المضطر محرماً، فوجد صيداً- له أن يذبحه، ويأكله، وعليه الجزاء، وإن وجد صيداً وميتة- فأيهما يأكل؟