أما إذا قطع الطريق وأخذ المال، وهو فقيد اليد اليمنى والرجل اليسرى - حينئذ: تقطع يده اليسرى ورجله اليمنى؛ لأن ما يبدأ به معدوم؛ [فيتعلق القطع] بما بعده.
وإذا أخذ المال، وقتل، وقطع الطريق - فإنه يقتل ويُصلب.
واختلفوا في كيفيته -فالصحيح من المذهب: أن يقتل [ثم يُصلب مستور العورة.
وفيه قول آخر: أنه يصلب حياً، وهو قول أب حنيفة - رحمه الله-: لأن عقوبة] قطع الطريق تُقام عليه حياً.
والأول المذهب؛ لأنه لا عقوبة فوق القتل، والصلب [للاعتبار زجراً] للناس عن مثل فعله، فإن قلنا: يُصلب بعد القتل - فكم يترك على الصلب؟ فيه وجهان:
أحدهما - قاله ابن أبي هريرة-: حتى يسيل صديده؛ إلا أن يتأذى به الأحياء؛ فينزل، ولا يغسل، ولا يصلي عليه.
وهذا لا يصح؛ لأن فيه تعطيل فرض الله تعالى من الغُسل، والصلاة، والدفن.
والثاني- وهو الأصح-: يُنزل على الصلب ثلاثاً؛ إن كان الزمان بارداً، أو معتدلاً، ثم يُنزل وإن كان في شدة الحر - ينزل إذا خيف عليه التغير قبل الثلاث، [ويدفع إلى أهله؛ ليقيموا عليه فرض الغسل والصلاة عليه والدفن]، وإن قلنا: يصلب حياً - اختلفوا في كيفية قتله، منهم من قال: يُطعن حتى يموت مصلوباً، وهو قول الليث بن سعد، ومنهم من قال: يترك بلا طعام، ولا شراب، حتى يموت، ومنهم من قال: يترك ثلاثاً حياً، ثم ينزل، فيُقتل، وهو قول أبي يوسف، فإن مات قبل الصلب - ففيه وجهان:
أحدهما: قاله الشيخ أبو حامد الإسفرائيني - أنه لا يُصلب؛ لأن الصلب تبع للقتل، وسقط القتل؛ فسقط الصلب.
وإن قتل في قطع الطريق - يقتل حتماً، ثم يغسل، ويصلي عليه، ويدفن، والقتل حتمٌح حتى لا يسقط بعفو ولي الدم، وإن جرح إنساناً في قطع الطريق - نظر: إن كانت جراحة لا يثبت فيها القود؛ كالجائفة ونحوها - فلا يقتص، وعليه أرشها، وإن قطع يداً أو رجلاً أو عضواً يقاد منه - وهل يتحتم؟ فيه قولان: