والثاني: لا تقطع؛ لأنه ليس بحرزٍ؛ كثوب غير الكفن؛ فلا يكون حرزاً للكفن، وإنما دفن هناك، لأجل الضرورة.

قال الشيخ- رحمه الله-: على هذا: لو كان القبر في بيت محرز، فسرق الكفن حافظ القبر - لا يقطع، وعلى الوجه الأول: يقطع به، وعند الثوري وأبي حنيفة: لا قطع على النباش.

وهم مختلفون فيما إذا كان القبر في بيت حريزٍ، والحديث حجة عليهم، ولهم فيه ثلاث نكات:

إحداها: أنه موضوع للبلى؛ كالبذر في الأرض.

الثانية: أنه غير محرز؛ بدليل أنه لا يكون حرزاً لثوب أحد سوى الكفن.

الثالثة: أنه ليس له مال؛ كما لبيت المال.

قلنا: قولكم: "إنه موضوعٌ للبلى" - ليس كذلك؛ بل هو مصروفٌ إلى حاجة الميت، وإن كان يتسارع إليه البلى؛ كالثوب الذي يلبسه الإنسان يكون البلى أسرع إليه من الثوب الذي في الصندوق، ويستويان في وجوب القطع بسرقتهما.

والبذر في الأرض موضوع للنماء، ويجب القطع بسرقته.

وقولكم: أنه غير محرز ليس كذلك؛ لأن القبر حرز للكفن، بدليل أن الولي لا ينسب إلى التفريط بتكفين الصبين ولا يجعل مضيعاً.

وقولكم:"ليس له مالك - ليس كذلك، ولنا فيه ثلاثة أوجه:

أصحها: أنه ملك للوارث؛ غير أن حق الميت فيه مقدم؛ كتركة الميت ملك للورثة، ثم يقضي منها دين الميت.

والثاني: أنه باق على ملك الميت؛ بدليل أن الميت لو افترسه سبع - صرف الكفن إلى ديون الميت ووصاياه.

وعلى هذين الوجهين: الخصم فيه هو الوارث.

وقيل: الحق فيه لله تعالى، والخصم فيه هو الحاكم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015