والثالث: يُنظر: إن شهدا بالإحصان قبل ثبوت الزنا-: فلا ضمان عليهما، لأنهما لم يثبتا إلا صفةً، وإن شهد بعد ثبوت الزنى-: فعليهم الضمان؛ لأنه رجم بقولهم.

فإن قلنا: لا ضمان على شهود الإحصان فالدية على شهود الزنى أربعاً، وإن قلنا يجب الضمان على شهود الإحصان: فعلى هذا: توزع، وكيف توزع الدية عليهم؟ فيه وجهان:

أصحهما: هم جميعاً بمنزلة الشهود؛ فيكون الثلث على شهود الأحصان، والثلثان على شهود الزنى فتوزع الدية على عدد رءوسهم، على كل واحدٍ سدسها، حتى لو شهد على الإحصان أربعة - أيضاً - لا يجب عليهم إلا الثلث؛ اعتباراً بأصل ما يثبت به الإحصان.

والوجه الثاني: الإحصان مع الزنى نوعان، فيجب النصف على شهود الزنى، والنصف على شاهدي الإحصان؛ ما لو رجع القاضي مع الشهود-: يجب النصف على القاضي، والنصف على الشهود.

ولو رجع واحدٌ من شهود الزنى، وواحدٌ من شاهدي الإحصان:

إن قلنا: لا ضمان على شهود الإحصان-: فعلى الراجع من شهود الزنى الضمان.

وإن قلنا يجب الضمان على شهود الإحصان: فإن قلنا: يجب عليهم ثلث الضمان-: فههنا: [يجب] على كل واحد سدس الدية.

وإن قلنا: عليهم النصف -: فعلى الراجع من شهود الزنى ثمن الضمان، وعلى الراجع من شهود الإحصان الربع؛ لأن النصف موزع عليهما.

وكذلك: لو رجع واحدٌ من أحد الفريقين وحده-: ففيما عليه هذا الاختلاف.

وعلى هذا لو شهد أربعة على الزنى: اثنان منهم على الإحصان، ثم رجعوا:

إن قلنا: لا ضمان على شهود الإحصان-: فالدية عليهم أرباعاً.

وإن قلنا: يجب الضمان على شهود الإحصان-: ففي هذه المسألة وجهان:

أحدهما: توزع على عدد رءوسهم؛ فعلى شاهدي الإحصان نصفها، وعلى الآخرين نصفها؛ لأنا-: نجعل الرجوع عن الشهادة بمنزلة الجناية-: فهي كأربعة نفر جنوا على رجل؛ اثنان منهم جنيا كل واحد جنايتين، وآخران: جنى كل واحد جناية واحدة؛ فتكون الدية عليهم سواء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015