أحدهما: لا يثبت إلا بأربعة؛ كفعل الزنا.
والثاني: يثبت بشهادة رجلين؛ بخلاف فعل الزنا؛ لأن الفعل أمر يغمض الاطلاع عليه، فاحتيط فيه باشتراط الأربع، والإقرار حركات اللسان؛ فلا يغمض الاطلاع عليه؛ فكان كسار الأقارير.
فإذا شهدوا على فعل الزنى-: يجب أن يذكروا الزاني، ومن زنى بها؛ لأنه قد يعد إتيان البهيمة زنى، وقد يراه على جارية ابنه، فيظنه زنى.
ويجب أن يشهدوا: إنا رأينا ذكره يدخل في فرجها دخول المرود في المكحلة، فلو شهدوا مطلقاً، أنه زنى: لا يثبت؛ لأنهم ربما يرون المفاخذة والاستمناء زنى، بخلاف ما لو قذف نساناً، فقال: زنيت-: يجب الحد، ولا يستفسر.
ولو قال: أردت به زنى اليد والعين -: لا يقبل قوله؛ لأنه قصد هتك عرضه وشينه، وقد حصل؛ بخلاف ما لو ادعت امرأة على رجل وطء شبهة ولزوم المهر، فشهد الشهود على لزوم المهر بوطء الشبهة-: يلزم، ولا يشترط أن يقولوا: رأينا ذكره في فرجها؛ لأن المقصود منه ثبوت المال، وحكم المال أخف من حكم الحد.
ولو أقر على نفسه بالزنى، هل يشترط أن يفسر؟ فيه وجهان:
أحدهما: يشترط؛ كالشهود عليهم أن يفسروا.
والثاني: لا يجب؛ كما في القذف، سواء جاء الشهود متفرقين فشهدوا، أو مجتمعين.
وقال أبو حنيفة- رحمه الله-: إذا شهدوا متفرقين لا يثبت، وعليهم حد القذف.
فنقول: كل حكم يثبت بشهادة الشهود إذا جاءوا مجتمعين، فيثبت إذا جاءوا متفرقين [كسائر الأحكام، بل هذا أولى، لأنهم إذا جاءوا متفرقين]: كان ابعد من التهمة، ومن أن يتلقف بعضهم من بعض؛ وكذلك: قلنا إذا وقعت للقاضي ريبة في شهادة الشهود، فرقهم؛ ليظهر على عورة، إن كانت في شهادتهم.
ولو شهدوا على الزنى أقل من أربعة-: لا يثبت الزنى، وهل يجب حد القذف على الشهود؟ فيه قولان:
أحدهما: لا يجب؛ لأنهم جاءوا مجيء، الشهود؛ ولأنا لو حددناهم لانسد باب