وقال أبو حنيفة: إن ولد في دار الإسلام-: لا يسترق، وإن ولد في دار الحرب-: يسترق، وإن كان أحد الأبوين كافراً أصلياً والآخر مرتداً.
قال الشيخ-رحمه الله-: إن قلنا: إذا كان الأبوان مرتدين: يكون الولد مسلماً، فههنا: الولد يكون مسلماً؛ كما لو كان أحد الأبوين مسلماً.
وإن قلنا هناك: يكون الولد مرتداً أو كافراً أصلياً فههنا: يكون الولد كافراً أصلياً؛ يجوز تقريره بالجزية، إذا كان الأصلي ممن يُقر بالجزية؛ كما لو كان أحد الأبوين مجوسياً، والآخر وثنياً-: يجوز تقرير الولد بالجزية؛ اعتباراً بخير الأبوين وإذا كان الأصلي كتابياً: تكون ديته دية أهل الكتاب؛ لأن الاعتبار في الدية بخير الوالدين.
وإن كان الأب كتابياً، والأم مرتدة، هل تحل ذبيحته ومنكاحته؛ فعلى قولين، كما لو كان الأب كتابياً والأم وثنية.
ولو أن ذمياً أو مستأمناً نقض العهد، والتحق بدار الحرب، وترك- عندنا - أولاداً لا تُسبى أولاده، وإن مات الأبُ.
فإن بلغ الأولاد، وقبلوا جزية آبائهم-: تركوا، وإن لم يقبلوا-: لا يُكرهوا عليه، بل يبلغون المأمن، وعند أبي حنيفة- رحمه الله-: يُكرهون على قبول الجزية.
فصلٌ: في حكم السكران
حُكم السكران حكم الصاحي فيما لو وعليه؛ هذا هو المذهب، حتى لو ارتد في حال سكره، أو أقر به-: يجب عليه القتل، ولو زنى أو أقر به-: يجب عليه الحد، ولكن لا يُقتل، ولا يحد حتى يفيق فيعرض عليه الإسلام، إذا كان قد ارتد.
وهل تصح استتابته في السكر؟:
قيل: تصحُّ؛ كما تصح ردته، ويستحب أن يؤخر.
وقيل: لا تصح، ويؤخر؛ لأن شبهته لا تزول في السكران، فلو قتله رجل فيحال سكره-: لاشيء على عاقلته، ولو عاد إلى الإسلام في حال سكره-: يصح إسلامه، فلو قتله رجل بعده-: يجب عليه القود، إلا على قول من يقول: قول السكران صحيحٌ فيما عليه دون ماله؛ فحينئذٍ: لايصح إسلامه في السكر.
ولنا قول أنه لا حكم لقول السكران، فلا تصح ردته، ولا إسلامه؛ فعلى هذا: لو ارتد