وإن ادعى من عليه الخراج أداءه إليهم، هل يقبل قوله؟ فيه وجهان:
أحدهما: يُقبل؛ لأنه مسلمٌ، كما لو ادعى أداء الزكاة.
والثاني: وهو الأصح-: لا يقبل؛ لأن الخراج ثمنٌ أو أجرة-: فلا يقبل قول من عليه في الدفع بغير حجة؛ كثمن المبيع وأجرة الدار.
ولو نصب أهل البغي قاضياً في بلدٍ - نظر:
إن كان ممن يستبيح دماء أهل العدل، وأموالهم-: لم يُنفذ حكمه؛ لأن من شرط القضاء العدالة، وهذا ليس بعدلٍ، وإن كان لا يستبيح دماء أهل العدل وأموالهم-: نفذ حكمه فيما ينفذ فيه حكم قاضي أهل العدل، فإن حكم بما يخالف نص كتاب أو سنةٍ أو إجماع أو قياس جلي-: فهو مردودٌ، حتى لو وقع واحدٌ من أهل العدل في أسرهم، فقضى قاضيهم عليه بضمانٍ [ما أتلف في الحرب-: لا ينفذ قضاؤه.
وكذلك: لو حكم بسقوط ضمان] ما أتلفوا في غير حال القتال-: يُرد حكمه، وإن حكم بسقوط ضمان ما اتلفوا في حال القتال: نفذ حكمه.
وإن كتب قاضيهم على قاضي أهل العدل-: يستحب أن يرده؛ استهانة وكسراً لقلوبهم، فلو قبله ونفذه-: جاز.
ولو سمع قاضيهم شهادة، ولم يحكم، فكتب إلى قاضي أهل العدل-: هل يحكم؟ فيه قولان:
أحدهما: يحكم؛ كما ينفذ القضاء المبرم.
والثاني: لا؛ لأنه إنشاء حكم على خلاف عقيدته؛ بخلاف الحكم المبرم؛ كالحنفي إذا قضى بالشفعة للجار، أو بانقطاع الرجعة في لفظ البينونة، وكتب على قاضٍ شفعواي -: نفذه، ولو نقل الشهادة-: لايحكم.
وتقبل شهادة شاهد أهل البغي، كما ينفذ قضاء قاضيهم، فلو وقع في أيدي أهل البغي أسرى من أهل العدل، وطلبوا الصلح من أهل العدل، والحرب قائمة، وضمنوا تخلية من عندهم من الأسارى، وأعطوا بذلك رهائن:
قال الشافعي - رضي الله عنه-: قبلت الرهائن، واستوثقت للمسلمين، ثم ينظر: ن أطلقوا من في أيديهم من الأسارى-: أطلقنا أسراهم، فإن قتلوا الأسرى-: لم تقتل أسراهم؛ لأن القاتل غيرهم، ثم إن كانت الحرب قائمة-: لا نطلقهم، فإذا انقضت أطلقناهم؛ كسائر الأسارى، والله أعلم.