كان يُجن يومين، ويفيق يوماً - فثلثا الدية.
وإن لم تمكن معرفته بأن دخله نقصٌ، واختلط كلامه، قوبل صوابه بخطئه، ويوجب من الدية بقر ما يتكلم بكلام المجانين، ويعرف ذلك ما يعرف السكر من الإفاقة: فإن لم يُعرف- ففيه حكومة بقدر ما يؤدي اجتهاد الحاكم إليه.
وإن جنى عليه جنايةً، فذهب بها عقله- نُظر: إن لم يكن لتلك الجناية أرشٌ؛ بأن ضربه أو لطمه، فذهب عقله - فعيه دية العقل، وإن كان لها أرشٌ: إما مقدرٌ؛ مثلُ: إن قطع يده، فذهب عقله، أو أوضحه - أو غير مقدرٍ؛ مثل: جراحةٍ توجب حكومةً - فهل يدخل أرش تلك الجناية وحكومتها في دية العقل؟ - فيه قولان:
أصحهما: وهو قوله الجديد -: لا يدخل، [بل] عليه أرش الجناية وديةُ العقل؛ لأنه أتلف عضواً ذهب به منفعةٌ حالةٌ في غيره؛ فلا يتداخل أرشهما؛ كما لو أوضحه، فأذهب سمعه وبصره - لا يدخل أرش الموضحة في دية السمع والبصر.
وقال في القديم: إن كان أرش الجراحة أقل من الدية؛ بأن أوضحه، فذهب عقله - يدخل الأقل في الأكثر؛ لأن زوال العقل معنى يزيل التكليف؛ فجاز أن تدخل دية الطرف في ديته؛ كما لو جرحه، فخرج به روحه.
وإن كان أرش الجناية أكثر من دية العقل، أو استويا - فيجب كلاهما، ولا يتداخلان.
ولو ضربه، فأذهب نطقه وسمعه [وعقله]- عليه ثلاث دياتٍ؛ [و] رُوي عن أبي قلابةَ؛ أن رجلاً رمى رجلاً بحجرٍ، فأصاب رأسه، فذهب سمعه وعقله وكلامه ونكاحه؛ فقضى فيه عمر - رضي الله عنه - بأربع ديات.
فصلٌ
عن عمرو بن حزمٍ: أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"في النفس مائة من الإبل، وفي العين خمسون، وفي اليد خمسون، وفي الرجل خمسون أهـ