فأما إذا كتب الناطق بطلاق امرأته: فإن تلفظ به يقع، وإن لم ينو ولم يقل-: لا يقع.
وإن نوى حالة الكتبة، ولم يتلفظ- نظر: إن كانت المرأة غائبة عن المجلس، سواء كانت في تلك البلدة أو لم تكن-: يقع عليها الطلاق.
وقيل: لا يقع؛ لأنه فعل من الأفعال؛ كالضرب ونحوه.
والأول المذهب؛ لأن الكتبة بين الغائبين؛ كالكلام بين الحاضرين.
وإن كانت المرأة حاضرة، فاختلف أصحابنا:
منهم من قال: لا يقع؛ لأن بالكتبة يخاطب الغائب لا الحاضر.
ومنهم من قال- وعليه الأكثرون-: يقع؛ لأن الكتبة كناية، والطلاق يقع بنية؛ فيستوي فيه الحاضر والغائب.
فحيث قلنا: يقع-: فلا فرق بين أن يكتب على القرطاس، أو على اللوح، أو على الأرض بالإصبع.
وعند أبي حنيفة: لا يقع إلا أن يكتب على القرطاس، وهو صريح عنده في حق الغائب، فإن قلنا: يقع-: ينظر في المكتوب: فإن كتب: أما بعد، فأنت طالق-: يقع الطلاق في الحال، وإن ضاع الكتاب.
وإن كتب: إذا أتاك كتابي فأنت طالق-: فلا يقع حتى يأتيها الكتاب، فلو ضاع الكتاب قبل الوصول إليها-: لا يقع.
وإن تخرق وضاع بعضه- نظر: إن تخرق الحواشي، ولم يفت شيء من المكتوب، فأتاها-: وقع لأن الكتاب اسم للمكتوب لا للبياض، وقد أتاها [المكتوب].
وكذلك لو امحي وبقي أثر يمكن قراءة كله-: يقع، وإن امحي كله بحيث لا يمكن قراءة شيء منه، [فأتاها القرطاس]-: لا يقع؛ لأن الكتاب لم يأتها، فإن فات بعض المكتوب، أو امحي بعضه- نظر: إن فات أو امحي موضع الطلاق، فأتاها [الباقي-:] لم يقع، وإن بقي موضع الطلاق، فأتاها- ففيه وجهان:
أحدهما: لا يقع؛ لأن الطلاق معلق بإتيان الكتاب، ولم يأتها كله.
والثاني: يقع؛ لأن المقصود قد أتاها.