أما المطلقة قبل الدخول: نظر إن لم يكن فُرض لها، فلها المتعة؛ لقوله تعالى: {لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ} [البقرة: 236].
وإن كان قد فُرضَ لها فلا متعة لها، سواء كان الفرض مُسمى بالعقد، أو فُرضض بعده، أو وجب لها مهر المثل بفساد التسمية في العقد.
قال ابن عمر: لكل مطلقةٍ متعة إلا التي فُرض لها، ولم يدخل بها، فحسبها نصف المهر.
أما المطلقة بعد الدخول، سواء فُرض لها أو لم يُفرض؛ لأنه يجب لها مهر المثل بالدخول - فهل تستحق المتعة؟
فيه قولان:
قال في القديم: وبه قال أبو حنيفة: لامتعة لها؛ لأنها تستحق المهر؛ كالمطلقة بعد الفرض قبل الدخول.
وقال في الجديد: لها المتعةُ؛ لقوله: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 241]، وقال تعالى: {فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ} [الأحزاب: 28] وكان ذلك في نساء دخل بهن النبي - صلى الله عليه وسلم - كالمطلقة بعد الفرض قبل المسيس؛ لأنها استحقت الصداق لا بمقابلة عوض، فلم تستحق المتعة، والمطلقة بعد الدخول استحقت الصداق بمقابلة إتلاف البُضع، فيجب لها المتعة بالفراق.
أما الفصل الثاني في بيانه الفُرقة التي تُوجب المتعة: نقول: أما فرقة الموت لا توجبها؛ لأن الزوج لم يوجبها بالفراق، إنما اختطف قهراً.
وأما فرقة الحياة: نظر إن صدرت من جهة الزوج لا لمعنى فيها، أو من هة أجنبي، فتوجب المتعة في ما صدر من جهته؛ مثل: أن يُطلق، أو يرتد، أو يسلم، أو يُلاعن، فهو كالطلاق في التقسيم الذي ذكرناه؛ وكذلك إذا خالعها؛ لأن الخلع - وإن كان يتم بها - فالمغلب فيه جانب الزوج؛ لأنه ينفرد بالطلاق، ويخالع مع الأجنبي.