رضي الله عنه - في القديم؛ لأن عقدة النكاح في الحال بيده، وأما الزوج فكان بيده قبل الفراق، معناه: ينتصف الصداق، إلا أن تعفو المرأة عن حقها إن كانت من أهل العفو، أو يعفو وليها إن لم تكن هي من أهل العفو، فيعود كل الصداق إلى الزوج، وخرج من هذا أنه لا يجوز للولي أن يُبريء الزوج عن صداق وليته الثيب.
فإن كانت بكراً فالمذهب أيضاً أنه لا يجوز، وهو قوله الجديد.
وعلى قوله القديم: يجوز للأب، وللجد أن يُبريء عن صداق البكر الصغيرة العاقلة بعد ما طلقها الزوج، ويختص بالأب والجد؛ لأن كمال شفقتهما يمنعهما من ترك النظر للولد، فقد يريان النظر في العفو ترغيباً للخطاب فيها، ولا يجوز قبل الطلاق؛ لأن الزوج ربما يدخل بها بعد الإبراء، فيفوت بُضعها مجاناً.
ويشترطُ أن تكون عاقلةً؛ لأن المجنونة لا يُرغب في نكاحها، فلا يجوز إسقاط حقها طمعاً لرغبة الخطاب فيها، وأن يكون الصداق ديناً في ذمة الزوج، فإن كان قد قبضه أو كان عيناً لا يجوز إبطال حقها عن العين.
وهل يجوز الإبراء عن صداق البر البالغة على هذا القول؟ فيه وجهان:
الأصح: لا يجوزُ؛ لأنه لا يلي مالها، فإذا عفا أحد الزوجين عن نصيبه [كان من الصداق بعد الطلاق قبل الدخول لا يخلو؛ إما أن] كان الصداق عيناً أو ديناً.
فإن كان عيناً نُظر: إن كان [عيناً] في يده [فكان] هو العافي، فهو هبةُ نصفه، فلا بد من تمليكه وقبولها وقبضها.
وإن كانت هي العافية؛ فهو كما لو وهب شيئاً من إنسان، وهو في يد المتهب، فيشترط التمليك والقبول، ومضى إمكان القبض، فهل يجوز هذا التمليك بلفظ العفو من الجانبين؟ فيه وجهان:
أصحهما: يجوز لظاهر القُرآن.
والثاني: لا يجوز كسائر التمليكات والمراد بالآية إذا كان الصداق ديناً، وإن كان عينُ الصداق في يدها؛ فإن كانت هي العافية، فلابد من التمليك، وكان القبول والتسليم، وإن كان هو العافي فلابد من القبول، ومضى إمكان القبض - كما ذكرنا في جانب الزوج.
وإن كان الصداق ديناً، أو كان بعد تلف العين، فإن كان العافي من هو في ذمته فلابد