قال الربيع: ليست على قولين، بل هي على حالين؛ وهو كما قال الربيعُ: حيث قال: يفسدُ إذا شرطت المرأة على الزوج ألا يطلقها، أو لا يطأها إلا أن تشاء هي -: لا يصح النكاح، لأنها شرطت منع حق الزوج ومقصود النكاحِ.
وحيث قال: لا يفسد، أراد به إذا شرط الزوج ألا يطلقها ولا يطأها، إلا أن يشاء هو، أو لا يطأها في السنة إلا مرة؛ فلا يبطل النكاح؛ لان الوطء حقه، وهذا كرجل له على فقير دينٌ، فقال الفقير له: ادفع إليَّ ديناراً عن الزكاة؛ حتى أؤدي دينك منه، [فدفع] جاز عن الزكاة، والفقير بالخيار إن شاء أدى دينه منه، وإن شاء لم يؤد منه، وأدى من غيره.
ولو قال رب المال: خذ هذا الدينار عن الزكاة، بشرط أن ترده علي من ديني - لا يجوز عن الزكاة، ولا قضاء الدين منه.
ولو عقد النكاح بألفٍ على أن لأبيها ألفاً - صح النكاحُ، وفسد المسمى، ولها مهر المثل؛ لأن قوله: على أن لأبيه ألفاً، إن أراد سوى الصداق فهو عقد في عقدٍ، وإن أراد ألف الصداق فقد شرط بدل المتعة لغير المرأة؛ وذلك لا يجوز؛ كما لو شرط في البيع بعض الثمن لغير البائع. هذا قوله الجديد.
وذكر في القديم ما يدل على أن الشرط يلغو، ويصح المسمى، فقال: عن تزوج امرأة على أن لها ألفاً ولأبيها ألفاً، ولأمها ألفاً - بطل الشرط، والألوف لها؛ لأنه شرطها في مقابلة البُضع، وهي مالكة للبضع، فحصل قولان في فساد التسمية.
ومن أصحابنا من قال: المسمى فاسدٌ قولاً واحداً، ولها مهر المثل.
وما [قال] في القديم أراد إذا نكحها على ثلاثة آلافٍ، فشرطت هي على نفسها أن يدفع ألفاً على أبيها، وألفاً على أمها؛ فهو وعدٌ من جهتها لا يلزمها، ولا يضر العقد.
ثم ذكر المُزني بعد هذا مسألة تشبه الأولى في الصورة- والحكم بخلافه - فقال: إن نكح امرأة على ألفٍ، وعلى أن يُعطي أباها ألفاً - كان جائزاً.
وصورة هذه المسألة أن ينكحها على ألفين، على أن يُعطى إحدى الألفين إلى أبيها، فلا يفسد المسمى؛ لأنه ليس بشرطٍ، بل وعدٌ جميلٌ منها بأن تهب إحدى الألفين من الأب، أو وكلت الأب بقبض إحدى الألفين لها، ووعدُ هبة الصداق للأب من المرأة أو لوكيله بقبضه - لا يؤثر في العقد، هذا إذا كان منها على سبيل الوعد.
فإن كان على سبيل الشرط يفسد المسمى أيهما شرط.