وفي نكاح التفويض يجوزُ للمرأة مطالبة الزوج بالفرض قبل الدخول، ولها حبس نسها عنه حتى يفرض، ويؤدي المفروض، سواء قلنا: وجب بالعقد، أو لم يجب.
وإنما أثبتنا لها ذلك؛ ليتقرر لها نصف المهر.
ولو طلقها قبل الدخول، وكذلك السيد إذا زوج أمته مفوضة، فله مطالبة الزوج بالفرض.
ثم إن تراضيا على فرض بأنفسهما جاز ولزم - عيناً كان أو ديناً - أكثر من مهر المثل، أو أقل من جنس نقد البلد، أو من غير جنسه حالاً أو مؤجلاً، سواء كانا عالمين بقدر مهر المثل أو جاهلين.
وقيل: إن قلنا: وجب المهر بنفس العقد، بشرط أن يكونا عالمين بمهر المثل؛ فإن جهلاه أو أحدهما - لم يجز.
ولو فرض لها شيئاً لم ترض به، فهو كما لو لم يفرض.
أما إذا كان الفرض من جهة القاضي بطلبها - فلا يجوزُ له أن يفرض إلا بنقد البلد حالاً، بعد أن كان عالماً بقدر مهر المثل، حتى لا يزيد على مهر المثل، ولا ينقص، رضيت المرأة أو أبت؛ كما في تقويم المتلفات، فإن زاد أو نقص لم يجز إلا بالقدر اليسير الذي يقع في الاجتهاد.
وإن رضيت المرأة بالتأجيل، فالقاضي يوجبه حالاً، ثم للمرأة تأخير المطالبة إن شاءت. وإذا دخل بها الزوج بعد فرض القاضي، أو بعد تراضيهما على مفروضٍ - استقر المفروض، وكذلك لو مات.
وإن طلقها قبل الدخول فنصف ذلك المفروض كالمسمى في العقد، ولو زوجها على أن لا مهر لها في الحال، ولا عند الدخول - اختلف أصحابنا فيه: فمنهم من قال: هي مفوضة؛ ما لو سكت عن ذكر المهر، ويجب لها المهر عند الدخول؛ لأن وجوب المهر عند الدخول حق الشرع، حتى لا يُضاهي نكاح النبي - صلى الله عليه وسلم - والسفاح؛ فلم يسقط بإسقاطها.
وقال أبو إسحاق: يجب مهر المثل بالعقد قولاً واحداً؛ لأن شرط سقوط المهر عند الدخول شرط فاسد، والشرط الفاسد عند النكاح يوجب مهر المثل.
وقال ابن أبي هريرة: لا يصح النكاح؛ لأن من لا مهر لها بحال موهوبةٌ، ولا يحل ذلك لغير النبي - صلى الله عليه وسلم - والمفوضة إن لمي جب لها [مهر بالعقد، فيجب بأمر آخر من فرض، أو دخول، أو موتٍ في قول.