ويدلنا على ذلك ما ورد في حديث معاذ - رضي الله عنه- عندما قال له الرسول: "بم تحكم؟ " قال: "بكتاب الله". قال: "فإن لم تجد؟ " قال: فبسنة رسول الله.
وأما منزلتها من الكتاب من حيث الأحكام الثابتة بهما، فعلى ثلاثة منازل:
المنزلة الأولى: سُنة موافقة لما نزل في الكتاب.
المنزلة الثانية: سُنة تفسر الكتاب، وتبين مراد الله منه، وتقيد مطلقه.
المنزلة الثالثة: سُنة متضمنة لحكم سكت عنه الكتاب.
أمثلة لهذه المراتب الثلاث:
بالنسبة للمنزلة الأولى: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب من نفسه"، فإنه يوافق قوله تعالى: {وَلَا تَاكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: 188].
ومثال المنزلة الثانية: قوله - صلى الله عليه وسلم- الوارد في تفسير الخيط الأبيض والخيط الأسود في قوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: 187].
ومثال ما هو من المنزلة الثالثة:
تحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها، والتحريم بالرضاع كل ما يحرم بالنسب، وإعطاء الجدة السدس، وغير ذلك.
وهناك مرتبة رابعة للسُنة وهي أنها ترد ناسخة لحكم ثبت بالكتاب؛ كقوله - صلى الله عليه وسلم-: "لا وَصِيّةَ لِوَارِثٍ" فإنه نسخ آية الوصية في سورة البقرة.