وعند أبي حنيفة: لا عدة عليها.

وكذلك لو ارتدت المعتدة، فالتحقت بدار الحرب، ثم عادت مسلمة - لا عدة عليها؛ لأنها لما التحقت بدار الحرب - صارت كالحربية.

باب عقد نكاح أهل الذمة

قال الله تعالى: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} [المائدة: 42].

الكفار إذا عقدوا عقداً على اعتقادهم، ثم أسلموا، والمبطل غير قائم - يُقرون عليه، ولا يتعرض لما مضى، سواء فيه أهل الذمة وأهل الحرب من أهل الكتاب وغيرهم، حتى لو نكح وثني نصرانية، أو نصراني وثنية أو مجوسية، ثم أسلما- يُقران عليه.

ويفترق الذمي والحربي الذي دخل إلينا بأمانٍ في شيءٍ، وهو أن الحربي لو قهر حربية على نفسها وغصبها - أقرهم الإمام على ذلك، ولم يتعرض لهم، وإن كانوا في دار الإسلام بالأمان.

والذمي لو قهر ذمية على نفسها - منعه الإمام من ذلك؛ لأن عليه أن يمنع أهل الذمة بعضهم عن بعض؛ كما يجب عليه أن يمنع عنهم من يقصدهم من غيرهم، وإنما يلزمه بحكم الأمان منع من تجري عليه أحكام الإسلام عنهم.

أما منعُ بعضهم عن بعضٍ فلا، وعلى هذا لو أن أهل الأمانِ قتل بعضهم بعضاً، أو أخذ بعضهم مال بعضٍ - لا يمنعهم الإمام عن ذلك.

ولو تحاكم غلينا ملمٌ وذمي، أو مسلمٌ ومستأمنٌ - يجب على حاكمنا أن يحكم بينهما؛ لأن عليه استيفاء حق المسلم، وأن يمنعه من الظلم.

ولو تحاكم إلينا ذميان، نظر إن كانا مختلفي الملة؛ كاليهودي مع النصراني - يجب أن يحكم بينهما؛ لأن كل واحد منهما لا يرضى بحكم حاكم صاحبه.

وقيل: فيه قولان؛ كما لو كانا متفقي الملة، والأول أصح.

وإن كانا متفقي الملة، ففيه قولان:

أصحهما: يجب أن يحكم بينهما؛ لقوله تعالى: {وَأَنْ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ} [المائدة: 49] وقال تعالى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29]، والصغار جريان حكم الإسلام عليهم؛ ولأنه يجب على الإمام أن يمنع عنهم من يقصدهم؛ فيجب أن يحكم بينهم كالمسلمين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015