أحدهما: يختار أيتهما شاء؛ كما لو أسلم وتحته أختان، اختار أيتهما شاء؛ لأن عقد الشرك إنما ثبت له حكم الصحة إذا انضم إليه الاختيار، فأيهما اختار حكم بصحة نكاحها، وبطلان نكاح الأخرى.

فعلى هذا إذا اختار البنت كانت الأم محرمة عليه على التأييد، وإذا اختار الأم ثم طلقها قبل الدخول - جاز له نكاح البنت.

والقول الثاني - وهو الأصح، واختيار المزني: تتعين البنت للإمساك، ويجوز إمساك الأم؛ لأن العقد على البنت يُحرم الأم، والعقد على الأم لا يحرم البنت، بخلاف الأختين؛ لأن العقد على كل واحدة منهما لا يحرم الأخرى على التأييد، ولا فرق على القولين بين أن يكون نكاحهما معاً، أو على الترتيب. وقيل: أصل القولين أن أنكحة المشركين هل يُعطى لها حكم الصحة أم لا؟

فيه جوابان:

أصحهما: لها حكم الصحة؛ بدليل أنا نقرهم عليها بعد الإسلام.

والثاني: لا يحكم لها بالصحة حتى يُدركها الإسلام، فيعفى عما مضى.

فإن قلنا: يعطى لها حكم الصحة يختار البنت، وألا فيختار أيتهما شاء، والمذهب أن القولين لا يثبتان على هذا الأصل، وأنكحة الشرك لها حكم الصحة؛ لقوله تعالى: {وَقَالَتْ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ} [القصص: 9]، وقال: {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} [المسد: 4] أضاف إلى الكافر زوجته.

وبدليل أنا نقرهم على ذلك النكاح بعد الإسلام من غير استئناف عقدٍ.

ولو ترافعوا إلينا لا نحكم ببطلانه، وأن المشرك لو طلق امرأته ثلاثاً - لا تحل له إلا بعد زوج آخر، وإن نكح في الشرك زوجاً آخر فأصابها - حلت له.

وإن كان قد دخل بإحديهما ثم أسلموا - نظر؛ إن كان قد دخل بالبنت قرت تحته لا يختلف القول فيه، والأم محرمة عليه على التأييد.

وإن كان قد دخل بالأم، فالبنت محرمة عليه، وهل له إمساك الأم؟ يبنى على القولين فيما إذا لم يكن قد دخل بواحدة منهما.

إن قلنا هناك: يمسك أيتهما شاء، فهاهنا يُمسك الأم.

وإن قلنا هناك: تتعين البنت للإمساك، فهاهنا لا يجوز إمساك الأم؛ لأنها حُرمت بالعقد على البنت، [ولها] مهر المثل بالدخول.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015