النصراني يتهود، فهل يقر بالجزية؟ فيه قولان:
أحدهما: لا يقر؛ لأنه استحدث ديناً باطلاً بعدما كان معترفاً ببطلانه؛ كالمسلم يرتد.
والثاني- وهو الأصح، وبه قال أبو حنيفة - رحمه الله-: يُقر؛ لأن كلا الفريقين يقر بالجزية؛ كالنصراني ينتقل من مذهب إلى مذهب، وليس كالمسلم يرتد؛ لأنه ترك دين الحق، وهذا ترك دين الباطل.
فإن قلنا: يقر بالجزية تحل ذبيحته، وإن كانت امرأة لا يحل للمسلم نكاحها، وإن فعلت في دوام نكاح مسلم - لا يضر النكاح.
وإن قلنا: لا يقر لا تحل ذبيحته، [وإن كانت امرأة لا يحل نكاحها]، وإن كانت تحت مسلم، فإن كان قبل الدخول تتنجز الفرقة بينهما، وإن كان بعده تتوقف على انقضاء عدتها؛ كالمسلمة ترتد، فعلى هذا القول هل يقنع منه بالعود إلى الدين الأول، أم لا يقبل منه إلا الإسلام؟ فيه قولان:
أحدهما: يقنع بالعود إلى الأول؛ لأنه كان مقراً عليه.
والثاني: لا يقبل منه إلا الإسلام؛ لأنه أقر ببطلان الدين الأول، وإن لم يرجع إلى الدين الأول، أو لم يسلم على القول الآخر - ما يُفعل له؟ فيه قولان:
أحدهما: يُقتل كالمرتد.
والثاني: يبلغ المأمن، ثم هو حزبٌ لنا، وإن ظفرنا به قتلناه، وإن خرج إلى دار الحرب، ثم عاد إلينا - فلا نقره إلا بما كنا نقره في الابتداء من العود إلى الدين الأول، أو الإسلام.
ولو انتقل الكافر من اليهودية أو النصرانية إلى دين المجوس - فهل يقر على الجزية؟ فعلى القولين.
فإن قلنا: لا يقر، فهل يقنع بالعود إلى الدين الأول، أم لا؟ - فيه قولان.
وعلى القولين جميعاً: لا تحل ذبيحته ومناحته ما دام على التمجس.
ولو فعلته كتابية تحت مُسلمٍ، فإن كان قبل الدخول - تتنجز الفرقة، وإن كان بعد الدخول تتوقف إلى انقضاء العدة، فإن أسلمت أو عادت إلى الدين الأول على قولنا: إنه يقنع منها به على انقضاء العدة - فهما على النكاح، وإلا بان أن الفُرقة وقعت بينهما بتبديل الدين.