وقال أبو ثور: ويحل مناكحتُهم، وذبائحهم.
وعامة الصحابة والعلماء على خلافه.
وأما من لا كتاب له؛ مثلُ عبدة الأوثان وما يستحسنون، ومثل عبدة الشمس، والزنادقة، والمعطلة، والباطنية - فلا يقرون بالجزية، ولا يحل مناكحتهم وذبائحهم؛ لقوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 5] وقال: {وَلا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة 231].
وإذا كان أحد أبوي الكافر كتابياً، والآخر مجوسياً أو وثنياً - يقر بالجزية أي الأبوين كان كتابياً تغليباً للحقن.
وهل يحل مناكحته، وذبيحته؟
نظر إن كانت الأم كتابية، فلا يحل مناكحته وذبيحته.
وإن كان الأب كتابياً فعلى قولين:
أحدهما- وهو قولُ مالك: يحل؛ لأن النسب إلى مُنكاحته وذبيحته، إلى الآباء.
والثاني: وهو الأصح: لا يحلُّ؛ لأن فيه جزءاً ممن لا تحل ذبيحته؛ كالحيوان المتولد بين ما يؤكل لحمه، وبين ما لا يؤكل لا يحل أكله أي الأبوين كان مأكولاً، بخلاف ما لو كان أحد أبويه مسلماً، والآخر مجوسياً - حلت ذبيحته ومناكحته؛ لأنه محكومٌ [له] بالإسلام، ولأن الإسلام يعلو الأديان كُلها، فلا يشركه الشرك.
والمتولد بين الكتابية والوثني غير محكوم له بالكتابية؛ إذ الشرك يشركه الشرك؛ فلا يترجح جانبٌ على الآخر.
فإن قلنا: لا يحل، فلو بلغ ودان دين أهل الكتاب.