فسخت نكاح من سبق، أو يأمرهما الحاكم بالتطليق، أو يطلق أحدهما، ثم يُزوجها من الآخر.
فإذا فسخ القاضي، أو لم يفسخ، فلا نكاح بينهما في الظاهر، وفي الباطن وجهان:
أحدهما: لا يرتفع نكاح من سبق في الباطن؛ حتى لو ظهر بعد ذلك، تكون زوجة له، وإن زوجت من ثالث كان فاسداً؛ كجمعتين وقعتا في بلد، واحتمل وقوعهما معاً؛ فأعادوا الجمعة، ثم بان سبق إحداهما- فعلى الطائفة الأخرى إعادة الظهر.
والثاني: يرتفع النكاح في الباطن؛ لأنه يقبل الفسخ، بخلاف الجمعة، حتى لو ظهر بعد ذلك سبق نكاح أحدهما، لا تكون زوجة له؛ وإن زوجت من ثالث، تكون زوجة للثالث.
المسألة الرابعة: إذا سبق أحد النكاحين، وعرف السابق منهما، ثم اشتبه - نوقف إلى أن يتبين؛ فلا يجوز لواحد منهما أن يقربها، ولا لثالث أن ينكحها ما لم يطلقاها.
[المسألة] الخامسة: إذا سبق أحدهما، ولم يُعرف السابق منهما - نص على أنهما باطلان؛ كما لو احتمل وقوعهما معاً؛ كالمتوارثين إذا غرقا فماتا، فلا فرق بين أن يحتمل موتهما معاً، وبين أن يسبق أحدهما ولا يعرف السابق في أنهما لا يتوارثان.
وخرج بعض أصحابنا قولاً من الجمعتين إذا أقيمتا في بلدٍ، وسبقتإحداهما، ولم تُعرف السابقة منهما، وفيهما قولان:
أحدهما: أنهم جميعاً يُعيدون الجمعة؛ كما لو احتمل وقوعهما معاً، واحتمل السبق.
وفيه قول آخر: أنهم جميعاً يُعيدون الظهر؛ كما لو عرفت السابقة، ثم اشتبه.
ومن أصحابنا من أنكر هذا التخريج، وحكم ببطلان النكاحين، بخلاف الجمعتين؛ لأن الجمعة لا يلحقها البطلان بعد الصحة، والنكاح يلحقه الفسخ؛ فحيث حكمنا ببطلان النكاحين، يفرق بينهما، ولا مهر [على واحد] منهما. فإن دخل بها أحدهما عليه، لها مهر المثل.
فلو ادعى كل واحد منهما أن نكاحي قد سبق؛ فأيهما أقام البينة، قضى له؛ وإن أقاما بينتين، أو لم يكن لواحد بينة- فلا تسمع دعوى أحد الزوجين على الآخر، بل الدعوى تكون على المرأة؛ لأن الحرة لا تحتوي عليها [اليد، فإن كانا مُقرين أنها لا تعلم؛ بأن كانت غائبة، فلا دعوى عليها وتوقف.