وقيل: هو كالجنون المُطبق لو زوجها الأبعد في يوم جنونها، جاز. وإن كان مُغمى عليه، ينتظر إفاقته، لأنه لا يدوم؛ كالنائم ينتظر انتباهه، والسكران، أو من شرب دواء أزال عقله، ينتظر إفاقته.

وإن كان الأقرب مُحرماً فهو كما لو كان غائباً؛ يزوجها السلطان.

وقيل: تزول به الولاية؛ فيزوجها الأبعد؛ كما لو جُنَّ.

وإن كان الأقرب غائباً على مسافة القصر، زوجها السلطان؛ لأن الغائب على ولايته، بدليل أنه لو زوجها في الغيبة يجوز، والتزويج حق توجه عليه وقد تعذر الاستيفاء منه، فالسلطان ينوب فيه منابه.

وإن كان على أقل من مسافة القصر، لا يجوز لغيره تزويجها، بل يُكاتب حتى يحضر، فيزوج، أو يوكل بالتزويج وقيل: إن كان على مسافة لو خرج بُكرة لا يمكنه أن يأتي أهله ليلاً، زوجها السلطان والأول أصحُّ.

وقال أبو حنيفة: إن غاب غيبة منقطعة، زوجها الأبعد.

قلنا: الغيبة لا تخرجه عن الولاية، فلا تنقل الولاية، كالعضل، والأولى أن يأمر السلطان الأبعد، حتى يزوج؛ للخروج عن الخلاف.

ولو عضل الولي الأقرب، زوجها السلطان لا الأبعد بالاتفاق، ولا يتحقق العضل حتى يمتنع بين يدي القاضي؛ وهو أن يحضر الخاطب ويطلب المرأة، فيأمره القاضي بالتزويج، فيقول: لا أفعل، أو يسكت - حينئذ يزوجها القاضي بإذنها.

ولو دعته إلى تزويجها من غير كفءٍ، له أن يمتنع، ولا يكون عاضلاً.

ولو قال الولي: إن الخاطب ليس بكفءٍ؛ فعلى المرأة إثبات الكفاءة.

ولو دعته إلى تزويجها من كفءٍ بأقل من مهر المثل - يجب التزويج، فإن امتنع كان عاضلاً؛ لأن المهر حقها، لا حق للأولياء فيه؛ بخلاف الكفاءة.

وعند أبي حنيفة نقص المهر كنقص الكفاءة، لا يجب على الولي أن يزوج بمهر ناقص؛ وبالاتفاق: لو رضيت ببخس خسيس من المهر تجب الإجابة.

وكل امرأة جعلنا تزويجها إلى السلطان يستحب أن يحضر أولياؤها الأباعد، ويستشيرهم في أمرها، ويقول: هل تنقمون شيئاً؟ لأنهم أحرص على التفحص عن الكفاءة، احفظ نسبهم، فإن لم يفعل وزوج صح.

ولا يُتصور انتقال الولاية إلى السلطان في حق الصغيرة؛ لأن طلبها فيه شرط، وحيث

طور بواسطة نورين ميديا © 2015