والعبادة تفتقر إلى النية؛ كالصلاة، والصوم، والحج.
قالوا: "النية في التيمم منصوصٌ عليها؛ وهي قوله عز وجل: {فَتَيَمَّمُوا} [النساء: 43].
والتيمم القصد؛ بخلاف الوضوء.
قلنا: "النية غيرُ منصوص عليها في التيمم، وليس المراد من القصد ما ذكروا، بل المراد منه: القصد إلى الصعيد؛ لنقل التراب إلى الوجه واليدين؛ بدليل أنه أضاف القصد إلى الصعيد، والقصد إلى الصعيد يكون بالبدن، لا بالقلب. وإن سلمنا: ففي الوضوء أيضاً منصوصٌ عليها، لأنه تعالى قال: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا} [المائدة: 6].
علق وجوب غسل الأعضاء بالقيام إلى الصلاة؛ فوجب أن يكون ذلك الغسل للصلاة؛ كقوله: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا} [النور: 2، 4]، {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا} [المائدة: 28]. ثم الواجب أن يجلد للزنا، ويقطع للسرقة. فإن جلد وقطع لغيرهما، لم يجز عنهما.
والنية تكون بالقلب في الطهارة، وجميع العبادات من الصلاة، والصوم، والزكاة، والحج وغيرها، فلو لم يتلفظ بلسانه جاز، ولو تلفظ بلسانه، ولم ينو بقلبه- لم يجز. وينوي المحدث رفع الحدث، واستباحة الصلاة، وينوي الجنب رفع الجنابة، أو استباحة الصلاة. فلو نوى بوضوئه، أو غسله: أن يفعل فعلاً تجب له الطهارة؛ مثل: صلاة النافلة، وصلاة الجنازة، وسجود التلاوة والشكر، أو الطواف، أو مس المصحف- صح وضوؤه، وغسله لجميع الصلوات؛ لأن هذه الأفعال لا تباح مع الحدث؛ فتتضمن نيتها رفع الحدث. وكذلك لو نوى الجنب بغسله الاعتكاف في المسجد، أو قراءة القرآن- يصح غسله.
ولو نوى فعلاً لا تندب له الطهارة؛ مثل: عيادة المريض، وزيارة الصديق، والأكل، والنوم أو التبرد والتنظف ونحوها- لا تصح طهارته.
ولو نوى فعلاً يستحب له الطهارة؛ مثل: الأذان، والتدريس أو المحدث نوى