حقهم على أصل الإباحة.

وإذا ظفروا بشيء منها-: كان لهم تناوله، وإن تفاوتوا فيه؛ كالقوم يتناهدون في السفر: جُوز لهم ذلك مع تفاوتهم في الأكل، وهل يجوز لهم أن يأكلوا من غير حاجة؛ بأن كنا حمل مع نفسه طعاماً؟ فيه وجهان:

قال ابن أبي هريرة: لا يجوز؛ كما لا يجوز في غير دار الحرب أكل مال الغير لغير حاجة.

والمذهب: أنه يجوز؛ وهو قول أكثر الأصحاب؛ لما رُوي عن عبد الله بن مغفل قال: "أصبت جراباً من شحم يوم خيبر فالتزمته، وقلت: لا أعطي من هذا أحداً شيئاً، فالتفتن فإذا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يبتسم.

ولو لم يجز أن يتناول أكثر من قدر الحاجة-: لنهاه عن ذلك، وليس كطعام الغير في غير دار الحرب؛ لأنه يأكله بعوض؛ فشرط فيه الاضطرار الحقيقي، وههنا: يتناوله بغير عوض؛ وذلك لما قلنا: إن الطعام بقي في حقهم على الإباحة للمعنى الذي ذكرنا، كمن أضاف جماعة، وقدم إليهم طعاماً-: جاز لهم التناول مع التفاوت، وإن كان مع واحد طعام حمله مع نفسه.

ولا يجوز أن يبيع شيئاً منه؛ لأن حاجته إلى الأكل لا إلى البيع، فإن باع شيئاً منه -نظر: إن باعه من غير الغانمين، وسلمه: يجب على المشتري رده إلى الغنيمة، وإن باعه من بعض الغانمين، وسلمه-: كان المشتري أحق به؛ لأنه من الغانمين، وقد حصل في يده ما يجوز له أخذه فإن رده إلى البائع-: صار البائع أحق به، حتى لو تبايع رجلان من الغانمين صاعاً بصاعين-: لم يكن ربا، وصار كأن الذي أعطى صاعين أثر صاحبه على نفسه مما دفع إليه، هذا كما لو كان في يد عبده طعام، فتبايعا صاعاً بصاعين-: لم يكن لذلك البيع معنى، ولا ربا فيه.

ويجوز لهم التزود من ذلك الطعام؛ لقطع المسافة، ولا يجوز أن يأخذ منه كسوته، ولا مطعوماً يؤكل نادراً؛ كالفانيذ والسُّكر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015