والثالث: يُخير بين السهم والأجرة؛ فإن اختار الأجرة-: فله الأجرة، ويرضخ من الغنيمة، فإن اختار السهم-: أسهم له من الغنيمة، وجعل كأنه خرج للجهاد، وسقطت الأجرة؛ لأن المنفعة الواحدة لا يستحق بها حقان، فن اختار السهم، وأسقطنا أجرته-: فمن أي وقت سقط؟
فيه وجهان:
أحدهما: من وقت دخول دار الحرب، ويصير مجاهداً من ذلك الوقت بدخوله دار العدو.
والثاني: من وقت حضور الوقعة؛ لأن استحقاق السهم بحضور الوقعة، فإذا اشتغل بالقتال: سقطت أجرة زمان اشتغاله بالقتال؛ فأما أجرة ما قبله وما بعده-: فلا يسقط هذا، إذا كانت [الأجرة على] مدة معلومة.
فإن كانت في الذمة كأنه استأجره لخياطة ثوب، فخرج وجاهد-: فله السهم، لا يختلف القول فيه، ويتأخر ما في الذمة من العمل إلى أن يعمل.
فإن قلنا: يستحق الأجير السهم: [فإن قتل كافراً-: يستحق سلبه، وإن قلنا: لا يستحق السهم]-: فهل يستحق سلب القتيل فعلى وجهين؛ كالعبد.
ولو خرج للتجارة، فحر الوقعة، فإن لم يُقاتل-: لا يستحق السهم، وإن قاتل فعلى قولين، وكذلك: تجار الجيش.
أحدهما: لا سهم لهم؛ لأنهم لم يحضروا للجهاد.
والثاني: يسهم لهم؛ لأنهم قاتلوا مشاهدة.
وأما من خرج للجهاد، فحمل مع نفسه بضاعة ليبيعها، فحضر الوقعة-: يستحق السهم، قاتل أو لم يقاتل.
فإن قلنا: لا يسهم للتاجر، فهل يرضخ له؟ فيه وجهان.
أصحهما: يرضخ له؛ كالعبد.
ولو أفلت أسيرٌ من أيدي الكفار، والتحق بصف المسلمين، وحضر القتال-: فإن كان من هذا الجيش-: استحق السهم، قاتل أو لم يقاتل، وإن كان من جيش آخر: فإن قاتل-: ستحق السهم، وإن لم يقاتل-: فعلى قولين: