شرائه، ولو كانت له كلابٌ، فأوصى بها لإنسان، ولا مال له-: أعطي ثلثها، وكيف نقدر الثلث، إذا وصى بثلث كلابه؟ ففيه أوجه:
أحدها: بالعدد؛ فإن كان له ثلاث كلاب -: يعطى واحدة منها.
والثاني: قاله صاحب "التلخيص"-: يقدر له قيمة، فيعطى ثلثها باعتبار القيمة.
والثالث: يقدر بالمنفعة، وإن لم يكن له إلا كلب واحد-: أوصى به لإنسان، أعطى ثلثه، ولو أوصى بكلابه، وله مال: من أصحابنا من قال-: وهو قول ابن أبي هريرة -: يعطى إليه جميع الكلاب، وإن كثرت، وإن كان المال قليلاً، ولو دانقاً؛ لأن المال - وإن كان قليلاً- فهو خيرٌ من الكلاب؛ إذ لا قيمة للكلاب، حتى تكون وصيته خارجة من الثلث.
ومنهم من قال: تُقوم منافع الكلاب؛ فتضم إلى ماله من المال؛ فيدفع إليه الثلث من الكلاب؛ كم لو أوصى لإنسان بثلث ماله، وله أعيان ومستغلات وعبد أوصى له بخدمته -: ضم المنافع على الأعيان، ويخرج الثلث:
قلتُ: وعلى ما قال صاحب "التلخيص" تقدر للكلاب قيمة، فتضم القيمة إلى ما عنده من المال، ويعطى الثلث.
وقال الإصطخري: يعطي إليه ثلث الكلاب؛ لأن الكلب ليس بمال؛ فيعتبر حاله بنفسه، ودفع إلى الموصى له ثلثه.
ولو قال: أعطوه طبلاً من طبولي، وله طبول-: يعطي إليه طبل حرب، أو طبل نار، أو طبل عكار، ولا يعطي طبل اللهو، إلا أن يصلح لشيء مباح قبل تغييره أو بعد تغييره، مع بقاء اسم الطبل عليه؛ فيجوز أن يعطي ذلك، ولو لم يكن له إلا طبل لهو لا يصلح لمباح، ولو فصل لمباح لا يقع عليه اسم الطبل-: فالوصية باطلة.
ولو قال: طبلاً من مالي-: يشتري له طبل حرب أو لهو أو نار، ولا يجب إعطاء الجلد إذا كان يسمى طبلاً، فإن كان لا يقع عليه اسم الطبل إلا مع الجلد أعطى مع الجلد.
ولو قال: أعطوه عودا من عيداني-: فإطلاق اسم العود إنما يتناول العود الذي يضرب به دون غيره؛ فوصيته تُحمل عليه، فإن كانت له منه عيدان تصلح لمنفعة مباحة على صفته-: يعطى، وإن لم تصلح لمنفعة مباحة، حتى يغير- لا يقع عليه اسم العود بعده؛ فوصيته باطلة، ولا يعطى من عيدان القسي والبناء؛ بخلاف الطبل، حيث قلنا: يعطى طبل الحرب والعكار؛ لأن اسم الطبل يطلق على طبل الحرب واللهو جميعاً، واسم العود لا يطلق إلا على عود اللهو، وحيث صح: يدفع بلا وتر ولا مضراب، فن لم يكن له إلا عيدان الخشب أو البناء أو القسي-: فيعطى واحد منها؛ لأنه-: وإن لم يُسمى عوداً مطلقاً-: فيقع عليه هذا الاسم عند التقييد.