وإن كانت النجاسة لها رائحة، فغسلها؛ فزال الأثر، وبقيت الرائحة، فهو نجسٌ، إن لم يكن لتلك النجاسة رائحةٌ ذكيةٌ، وإن كانت لها رائحة ذكيةٌ؛ مثل: [بول المبرسم] والخمر العتيق؛ ففيه قولان:
أحدهما: لا يطهر؛ حتى تزول الرائحة؛ لأن الرائحة صفتها لا تنفك عنها؛ كالطعم إذا بقي لا يحكم بطهارته.
والثاني- وهو الأصح عند المراوزة-: يطهر؛ لأن الرائحة لا تدل على النجاسة؛ كمن دخل بيت الخمور فعبقت الرائحة بثوبه لا يكون نجساً بخلاف الطعم؛ فإنه لا يبقى إلا ببقاء العين، فإن كان اللون باقياً مع الرائحة، فهو نجس على الصحيح من المذهب.
ولو صبغ ثوباً [بصبغ] نجس، وخضب يده بحناءٍ نجس، فغسله، فزالت العين، وبقي اللون- فهو طاهر، وإذا أراد غسل النجاسة، يجب أن يورد الماء على المحل النجس؛ حتى يطهر، فإذا أورد المحل النجس على ماءٍ أقل من قلتين، ينجس الماء، ولا يطهر المحل؛ لأن الماء إذا ورد على المحل تكون القوة للوارد؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم؛ "إذا استيقظ أحدكم من نومه، فلا يغمس يده في الإناء؛ حتى يغسلها ثلاثاً".