نظر: إن وصلت النداوة إلى باطنه؛ بحيث لو زرع لم ينبت لا يطهر، وإلا فيطهر؛ كما لو ابتلع نواةً؛ فخرجت منه؛ تطهر بالغسل، وكذلك لو خرج من فرجه دودٌ حيٌّ؛ فهو نجس للرطوبة التي عليه، فإذا غسل طهر. ولو نبت زرعٌ من سرقينٍ، أو ماء نجس- فهو نجس، فإن شقق، وخرج منه الحبةُ، يكون طاهراً.
وكل شرابٍ أسكر كثيره، فهو نجس؛ كالخمر. ولا يطهر شيء من الأعيان النجسة بالانقلاب، إلا جلد الميتة إذا دُبغ، والخمر إذا تخللت بنفسها؛ يُحكم بطهارتها؛ سواء اتخذ العصير بنية الخل، أو بنية الخمر؛ فتخمر فتخلل، إلا أنه إذا اتخذه بنية الخمر كان عاصياً؛ لقصده إلى المعصية.
وإذا اتخذه بنية الخل، فإذا تخمر، جاز له إمساكها إلى أن تتخلل. فإذا اتخذه بنية الخمر، فإذا تخمر، يجب إراقتها، فلو لم تُرق؛ فتخللت حلت.
ولو عالج الخمر؛ بأن طرح فيها شيئاً من خلٍّ أو ملح، أو شيء آخر؛ حتى تخللت فهي على نجاستها؛ كما لو كانت [كما لو خللها] بالعلاج كان حراماً، ولا تطهر بعده بشيء.
وقال أبو حنيفة رحمه الله: "يجوز تخليل الخمر بالعلاج، وإذا خللت، حلت.
دليلنا: ما روي عن أنسٍ قال: "سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: أيتخذ الخمر خلاً؟ قال: "لا". والنهي يدل على التحريم، ولتحريمه معنيان:
أحدهما: دخول صنعة الآدمي فيه بالاستعجال؛ كما لو استعجل موت قريبه؛ فقتله- لم يرثه.