وعند أبي حنيفة- رحمة الله عليه-: لا يبطل، إذا أشهد، وإن لم يمكنه الخروج بأن لم يجد رفقة أو نفقة: لم تبطل، إن أشهد، وإن لم يشهد: بطل.
ولو اختلفا؛ فقال الشفيع: طلبت في الحال، أو سرت في الحال، وقال المشتري: بل أخرت، أو قال الشفيع: أشهدت حيث وجب الإشهاد، وأنكر المشتري: فالقول قول الشفيع مع يمينه؛ لأن الأصل ثبوت الحق له كما لو ادعى عليه أنك عفوت، فأنكر: كان القول قول الشفيع، حتى لو قال: أشهدت عدلين، لا أعرفهما، أو أشهدت فلاناً وفلاناً، وهما منكران: لا تبطل شفعته؛ كما لو تقار الزوجان على النكاح، وأنكر الشهود: يحكم بالنكاح.
وكل موضع وجب الإشهاد: لا يختص بمجلس الحُكم؛ وكذلك: الأخذ بالشفعة لا يختص بمجلس الحكم؛ فلا يتوقف على حكم الحاكم؛ لأنه ثبت بالنص؛ كالرد بالعيب.
ولو علم، فحضر المشتري أو لم يحضر، وحضر مجلس الحكم فأشخصه: لا يبطل حقه؛ لأنه يطلب الحق من معدنه، فإن كان الشفيع والمشتري غائبين، فأخر الطلب؛ ليأتي موضع الملك: بطلت شفعته لإمكان الأخذ في الغيبة، ولو اتفقا على أنه أخر الطلب، واختلفا، فقال الشفيع: أخرت؛ لأني كنت غائباً أو مريضاً أو محبوساً: فإن علم ذلك منه: قُبل قوله، وإن لم يعلم: لا يقبل، وإن قال: اخرت؛ لأني لم أصدق المخبر- نُظر: إن أخبره عدلان: بطلت شفعته؛ لأن الحقوق تثبت بقولهما؛ فكان عليه أن يعتمدهما، وإن أخبره فاسق أو صبي أو كافر: يقبل قوله، ولا تسقط شفعته، وإن أخبره عدل واحد حراً أو عبداً أو امرأة: ففيه وجهان:
أحدهما: يقبل، ولا تسقط شفعته؛ لأن الحجة لا تقوم بقول الواحد.
والثاني: تسقط شفعته؛ لأنه من باب الأخبار، ويقبل قول هؤلاء في الخبر.
ولو قال الشفيع: أخرت؛ لأني لم أعلم أن الشفعة تثبت للشريك، فإن كان قريب العهد بالإسلام، أو نشأ ببادية لا يعرفون الأحكام: يقبل قوله، وله الشفعة؛ وإلا فلا يقبل، وكذلك: في الرد بالعيب.
ولو قال لم أعلم أنه يبطل بالتأخير: يُقبل قوله؛ لأنه مما يخفى على العوام.
ولو أخر الطلب، أو عفى قبل معرفة الثمن أو معرفة المشتري: لا يبطل حقه، حتى لو أخبر أن الشقص بيع من زيد، فعفى، ثم بان أنه بيع من عمرو، ولو قال المشتري: أنا