طاهر, والجرية التي فيها النجاسة طاهرة؛ على الصحيح من المذهب.
وعلى قول أبي إسحاق, وصاحب "التلخيص": ما قرب من النجاسة في عرض النهر وتحتها إلى قلتين - نجس.
وإن كان الماء [الجاري] قليلًا وقعت فيه نجاسةٌ؛ نظر: إن كانت ذائبةً وتغيرت؛ فالجرية المتغيرة نجسةٌ, [وهي كالنجاسة الجامدة] التي تجري مع الماء وإن لم يتغير منها الماء - فمحلُّ النجاسة نجسُ أيضًا.
وقال في القديم: "الماء الجاري لا ينجس إلا بالتغير"؛ وهو قول أبي حنيفة رحمه الله, واختيار إمام الأئمة.
وإن كانت النجاسة جامدة؛ نُظر: إن كانت تجري مع الماء؛ فمحل النجاسة من الماء والنهر نجس, وما دونه طاهرٌ؛ لأن النجاسة لم تصل إليه, والجرية التي تعقب النجاسة تغسل المحل؛ فهو في حكم غُسالة الجنابة؛ حتى لو كانت النجاسة نجاسة كلبٍ أو خنزيرٍ؛ فلا بد من سبع جريات تجري عقبيها, ثم ما وراءها طاهر.
وإن كانت النجاسة واقفةً والماء يجري عليها, أو كان الماء يجري بها, ولكن جري الماء أشد؛ فمحل النجاسة نجس, وما فوقها طاهر؛ لأنه لم يصل إلى النجاسة؛ كما لو صُبَّ ماء من إناء على نجس لا ينجس الماء الذي في الإناء. وما دونها نجس, وإن بعد عن النجاسة بأكثر من قلتين؛ لأن كل جريةٍ من الماء الجاري في حكم المنفصل عن صاحبه, لا يتكثَّر بعضه بالبعض, ولذلك لم ينجس ما فوقها, فإذا اجتمع في موضع قلتان كان طاهرًا, وكذلك إذا اتصل بماء كثير مجتمع في فضاء يطهر وإن لم يختلط به؛ بأن كان هذا كدرًا, وذلك ماء صافٍ يتبين منه؛ لأن الاجتماع [قد] وجد. وإن كانت النجاسة واقفة في هذا الماء القليل والماء يترادُّ عنها فالموضع الذي يترادُّ إليه الماء نجس.
وإن كان في وسط النهر حفر عميق؛ نظر: إن كان الموضع ضيقًا لا يجري فيه الماء سريعًا؛ فهو كالماء الراكد, وإن كان [الموضع] واسعًا, وجريُ الماء فيه سريع؛ فله حكم الماء الجاري, وإن كان على شط النهر حُفرةٌ يدخلها الماء من ساقية, ويخرج من أخرى إلى