بالعرق الذي يسيل من بدن الحيوان؛ لأنه ليس بماءٍ مطلقٍ. ولو وقع في الماء شيءٌ طاهرٌ، ولم يغيره- جاز التطهر به؛ قل الماء أو كثر، وكثر الخليط أم قل؛ حتى لو صُب في ماءٍ قليل رطلٌ من لبنٍ أو ماء وردٍ، ولم يتغير شيءٌ من أوصاف الماء- يجوز استعماله [كله] في الطهارة؛ لأن الخليط صار مستهلكاً فيه.
ومن أصحابنا من قال: إن كان الماء غير كافٍ لطهارته؛ فكمله بالخليط- لا تصح الطهارة به؛ لأن غسل بعض الأعضاء يحصل بغير الماء. وإن كان كافياً لغسل أعضائه مرةً مرةً- يجوز التطهر به، واستعمال كله.
وأما إذا تغير أحد أوصاف الماء بما وقع: إما لونه، أو طعمه، أو ريحه- نظر: إن كان ما وقع فيه شيئاً يخالط الماء، ويمكن صون الماء عنه؛ مثل: الزعفران والعصفر والدقيق والخبز واللبن والخل ونحوها، أو سقط فيه شيء من الثمار، وكان التغير كثيراً؛ بحيث يضاف الماء إليه - لا يجوز التطهر به.
وعند أبي حنيفة رحمه الله: يجوز التطهر به؛ فيقول: ماء مضاف إلى خليطٍ يستغنى عنه، فلا يجوز التطهر به؛ كالمرقة، وماء الحمص والباقلاء المُغلى فيه.
وإن كان التغير قليلاً؛ بحيث لا يضاف الماء إليه؛ بأن وقع فيه زعفرانٌ؛ فاصفر قليلاً، أو دقيق؛ فابيض قليلاً- يجوز التطهر به على الصحيح من المذهب؛ لأنه لم يسلب إطلاق اسم الماء.
وإن تغير الماء بخليطٍ لا يمكن صون الماء عنه؛ كالتراب والحصاة وأوراق الأشجار تقع فيه، أو نبت فيه العشب والطحلب؛ فغيره- يجوز التطهر به؛ لأنه لما لم يمكن صون الماء منه، وقع عفواً. وكذلك لو جرى الماء في طريقه على معدن زرنيخ، أو نورةٍ، أو كحلٍ، أو وقع فيه شيءٌ منها فتغير، أو نبع من معادنها- يجوز التطهر به. ولو طرح شيءٌ من هذه الأشياء في الماء قصداً [فغيره]؛ نُظر إن غيره عن خلقته بالصنعة؛ بأن طُبخت النورة، أو طرح فيه الآجر المسحوق، أو أحرقت الأوراق؛ فطرح فيه رماداً، أو أُغلي الطحلب في الماء - لا يجوز التطهر به.
وإن طرح فيه على خلقته؛ نظر: إن كان تراباً، جاز التطهر به؛ لأنه طهور؛ فلا يسلب طهورية الماء؛ كما لو صُبَّ على الماء ماء آخر.