وفيه قول آخر: إن البيع صحيح، والشرط باطل؛ لما رُوي عن عائشة -رضي الله عنها - قالت: جاءتني بريرة فقالت: إني كاتبت أهلي على تسعة أواق؛ في كل عام أوقية؛ فأعينيني؛ فقالت عائشة - رضي الله عنها -:
إن أحب أهلك أن أعدها لهم، فيكون لي ولاؤك، فذهبت بريرة إلى أهلها، فقالت لهم ذلك؛ فحاءت وقالت: إني عرضت عليهم ذلك؛ فأبوا إلا أن يكون الولاء لهم. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"خذيها واشترطي لهم الولاءن فإنما الولاء لمن أعتق".
فدل أن البيع صحيح، والشرط لاغ. والأول أصح.
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "واشترطي لهم الولاء" - تفرد به هشام، ولم يروه سائر الرواة؛ لا يعتمد عليه؛ لأنه لا يظن بالنبي - صلى الله عليه وسلم- أنه يأمر أهله باشتراط ما لا يجوز.
ولو باع داراً؛ واستثنى لنفسه سكناها، أو دابة، واستثنى لنفسه ظهرها - إن لم يبين مدة لا يصح العقد، ون بين مدة فقد قيل: فيه قولان؛ كبيع الدار المُكراة.
والمذهب: أنه لا يصح البيع قولاً واحداً؛ لما روي عن جابر؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الثنيا ....
ولأنه شرط ما لا يقتضيه العقد، ولا هو من مصلحة العقد- فلا يصح؛ كما لو باع بشرط ألا يسلم إليه.
وقال الأوزاعي وأحمد وإسحاق: يصح البيع.
ولو باع بشرط أن يحبس المبيع؛ لاستيفاء الثمن، نظر: إن كان الثمن مؤجلاً، لا يصح العقد.
وإن كان حالاً: فإن قلنا يُجبران على التسليم، أو يجبر البائع - لم يصح البيع.
وإن قلنا: لا يجبرانن أو يجبر المشتري على تسليم الثمن، يصح؛ لأنه من قضية العقد.
ولو باع شيئاً إلى العطاء أو إلى الحصاد، أو إلى أجل مجهول- فالبيع فاسد.
وكذلك لو باع إلى شهر من يوم قبض المبيع، لا يصح؛ لأنه لا يدري متى يقبض.
وكذلك لو باع ثوباً على أنه عشرة أذرع؛ فإن لم يكن أبدله بغيره فباطل.