لأن العقد لم يثبت له ذلك. وإن كان الثمن حالاً. يجوز للبائع حبسه؛ لاستيفاء الثمن.
وإذا أخذ بعض الثمن؛ هل يجب أن يسلم من المبيع بقدره؟
فيه وجهان:
أصحهما: لا؛ حتى يقبض الكل؛ كالرهن لا يفتك شيئاً منه ما لم يأخذ جميع الدين.
الثاني: يجب أن يسلم بقدر ما أخذ من الثمن؛ لأن كل جزء من المبيع بمقابلة جزء من الثمن؛ بخلاف الرهن؛ فإنه محبوس بالحق، وبكل جزء من أجزائه ليس بعوض عن الحق.
ولو تبرع البائع بتسليم المبيع قبل القبض، لم يكن له بعد ذلك رده إلى حبسه. وكذلك لو أعاره من المشتري. فأما إذا أودعه من المشتري، فلا يسقط حقه من الحبس.
ولو غصبه المشتري يعصي الله تعالى، وللبائع أن يرده إلى حبسه.
فلو اختلف المتبايعان في التسليم: فقال البائع: لا أدفع المبيع؛ حتى أقبض الثمن، وقال المشتري: لا أؤدي الثمن؛ حتى أقبض المبيع - ففيه أربعة أقوال:
أحدها: لا يُجبر واحد منهما؛ لأنه لا مزية لأحدهما على الآخر؛ فإذا سلم أحدهما ما عنده، أجبر الآخر، ويمنعهما الحاكم من التخاصم.
والثاني: يجبر أن يكلفهما الحاكم إحضار المبيع والثمن.
ثم يسلم الثمن إلى البائع، والمبيع إلى المشتري، لا يبالي بأيهما بدأ، أو يأمر بوضعهما عند عدل، ثم يسلم العدل المبيع إلى المشتري، والثمن إلى البائع؛ لأن الحاكم نُصب لفصل الخصومات.
كما لو كان لرجلين لأحدهما على الآخر دراهم، وللآخر عليه دنانير - أجبرهما على الأداء.
والثالث - وهو الأصح -: يُجبر البائع على تسليم المبيع؛ لأن ملك المشتري غير مستر على المبيع قبل القبض؛ بدليل أنه لا يتصرف فيه. ولو تلف في يد البائع، ينفسخ البيع، وملك البائع مستقر على الثمن قبل القبض؛ بدليل أنه يتصرف فيه بالإبراء، وقد أمن هلاكه.
والرابع- وبه قال مالك، وأبو حنيفة - رحمة الله عليهما-:
يُجبر المشتري أولاً على تسليم الثمن؛ لأن حقه متعين في المبيع، وحق البائع غير